وجهان للحب!

لم تستطع كبح نهر الدموع الذي تحرر في مقلتيها لينهمر على وجنتيها التي احمرتا بسبب انفعالها، ثم ركضت لخارج الڤيلا دون أن تقول شيء آخر وكأن كل الحروف لا تستطع التعبير عما تشعر به في تلك اللحظات!
رآها يزن الذي كان لا زال امام الڤيلا في سيارته، ولكنها لم تنتبه له بسبب بكائها، وصُدم يزن من خروجها بهذا الشكل، رآها تركب سيارة اجرة وكاد يتحرك خلفها ولكنه فجأة توقف وهو يُحدث نفسه… ما شأنك بما حدث معها؟
هي لا تناسبه على الاطلاق، طريقة حياتها وتفكيرها مختلفة عنه كليًا، كيف انساق خلف تفكيره الاهوج بالتقرب منها؟
ولكنه عاد ليبرر لنفسه انه فعل ذلك حتى يكتشف الحقيقة فقط، وها هو قد اكتشفها، يبدو أنه متوهم بالفعل وأن روز شخصية مختلفة عن فيروز، وإلا ما كانت لتأتي على عنوان ڤيلا فخمة كهذه وتدخل بتلك السهولة وكأنه منزلها!
****
مرت عدة ايام، لم يذهب فيهم يزن الى ذلك الكافيه من جديد ولم يحاول التواصل مع روز التي حاولت قليلًا فقط ولكنه لم يجيب ايًا من اتصالاتها ثم لم تعد تحاول، كان يحاول يزن طي تلك الصفحة من حياته والمضي قدمًا…
ولكنه لم يستطع منع نفسه من المجيء الى امام منزل فيروز ليلًا يراقبه وكأنه يريد محو اخر ذرة شك داخله، ظل في سيارته ينتظر خروجها ولكنها لم تخرج، ارتاح اخيرًا وغادر متجهًا الى ذلك الكافيه وانتظر خارجه قليلًا، ولكن المفاجأة كانت حين رأى روز شبه فاقدة للوعي ورجل ما يسحبها معه الى سيارته..
لم يفكر يزن مرتين وهو يترجل من سيارته راكضًا نحوهما ثم انتشلها من بين ذراعي ذلك الرجل صارخًا فيه بغضب:
-انت واخدها على فين وهي مش واعية كدا يا
وكأن الرجل ادرك انه ربما سيسبب له المتاعب فركض ليركب سيارته وغادر على الفور…
فيما أخذ يزن روز لسيارته منتظرًا اياها ان تفيق، فهو لا يدري هل من الصواب ان يعيدها لذلك المنزل بهذا الحال ام لا…
حين حل الصباح بدأت روز تستعيد وعيها تدريجيًا، وبدت عليها الصدمة حين وجدت نفسها في سيارة يزن، وحقيبتها مفتوحة والملابس والحجاب الذين كانوا موضوعين بها اصبحوا خارجها على قدمي روز وهويتها الشخصية التي تحمل اسم فيروز ايضًا، ابتلعت ريقها وهي تحاول ضبط رد الفعل المناسب.. خاصةً حين قال يزن بابتسامة مستذئبة وكأنه امسك بها بالجرم المشهود:
-صباح الخير يا….. يا ترى نقول روز ولا فيروز؟
اخيرًا صدح صوتها ولكنه كان متحشرجًا وكأنه يأبى الخروج:
-يزن!
اردف بسخرية:
-الحمدلله طلعتي عارفاني المرة دي.
سألته ببلاهة وكأنها لا تدرك اي شيء:
-أنا إيه اللي جابني هنا وانت ازاي هنا؟
رد ببساطة تخفي اطنانًا من الغضب الذي يجيش به صدره:
-والله انا اللي مفروض اسألك السؤال دا، انتي بتعملي إيه يا فيروز وإيه التمثيلية البايخة اللي عملتيها عليا دي؟
هزت رأسها نافية بقلة حيلة تخبره:
-تمثيلية إيه، انا حقيقي مش فاهمة احنا فين وانا ازاي جيت هنا ومش فاهمة انت بتتكلم عن إيه.
اضاف بنفس الغضب الذي برز اكثر من حدقتيه:
-بتكلم عن اللي انتي عاملاه في نفسك دا وحجابك اللي انتي قالعاه وشخصية روز اللي اخترعتيها.
تحسست خصلات شعرها بعدم تصديق وارتعشت شفتيها وهي تتابع بصوت مبحوح تهادى من بعيد:
-شخصية روز! انت بتقول إيه؟! يزن انا اخر حاجة فاكراها اني كنت نايمة عادي جدًا بعد ما رجعت من الشغل.
زمجر فيها بجنون مشتعل:
-كفاية كدب بقى، انتي ازاي ماخوفتيش على نفسك وانتي بتعملي كدا؟ طب افرضي ماكنتش جيت لحقتك على اخر لحظة انتي متخيلة القذر دا كان هيعمل فيكي إيه؟ انتي ازاي كدا؟ ازاي؟ وانا ازاي كنت مخدوع فيكي كل الفترة دي؟
حينها بدأت تبكي بانهيار… تبكي صورتها التي تهشمت أمامه، تبكي شرفها الذي كاد يُدنس بالأمس لو لم ينقذها.. تبكي والديها والوحدة التي دفعتها للبحث عن الاهتمام بالخارج وفعل كل ذلك.. تبكي يزن الذي فقدته حتمًا!
ولكنها لن تستسلم، لن تفقده، يزن الشيء الوحيد الذي تعطيه قيمة في هذه الحياة، لذا يجب أن تستمر امامه في هيئة المريضة بالانفصام في الشخصية…
بينما يزن كان يشعر بالشفقة والعطف نحوها رغمًا عنه، فبدأ يربت على كتفها برفق حاني مغمغمًا:
-طب خلاص اهدي، اهدي عشان خاطري.
أدرت دور المسكينة بمهارة شديدة حين صاحت بانفعال باكي:
-يزن انا مشكلتي اكبر من كدا بكتير، انا تقريبًا عندي انفصام في الشخصية، انا مش عارفة ولا فاكرة كل اللي انت بتقوله دا، انا اه كنت بصحى احيانًا ألاقي حاجات مش فاكرة جبتها امتى بس ماكنتش اتخيل إن الموضوع يوصل للدرجة دي ابدًا.
صمت يزن وهو يفكر في كلامها، هل يجب عليه أن يصدقها؟ ربما نعم.. فـ هي من وجهة نظره ليس لديها اي سبب للقيام بلعبة كتلك!
انتبه لها حين استطردت من وسط بكائها بقهر:
-انت مش مصدقني يا يزن صح؟
لم يجيبها بشيء ايضًا، فـ كادت تفتح باب السيارة لتغادر وهي تردد:
-خلاص انا كدابة سيبني اغور في داهية وملكش دعوة بيا.
حينها سارع يزن بإمساك ذراعها قائلًا بحزم:
-استني هنا انتي رايحة فين! لو كلامك صح يبقى لازم تروحي لدكتورة تساعدك يا فيروز.
أبت بعنفوان:
-انا مش مجنونة يا يزن.
حاول مهاودتها برفق:
-ماقولتش إنك مجنونة بس انتي محتاجة دكتورة تساعدك عشان اللي حصل امبارح مايتكررش تاني.
صمتت لثوانٍ معدودة قبل أن تخبره بنبرة مرهقة كحالها كله:
لم تستطع كبح نهر الدموع الذي تحرر في مقلتيها لينهمر على وجنتيها التي احمرتا بسبب انفعالها، ثم ركضت لخارج الڤيلا دون أن تقول شيء آخر وكأن كل الحروف لا تستطع التعبير عما تشعر به في تلك اللحظات! رآها يزن الذي كان لا زال امام الڤيلا في سيارته، ولكنها لم تنتبه له بسبب بكائها، وصُدم يزن من خروجها بهذا الشكل، رآها تركب سيارة اجرة وكاد يتحرك خلفها ولكنه فجأة توقف وهو يُحدث نفسه… ما شأنك بما حدث معها؟ هي لا تناسبه على الاطلاق، طريقة حياتها وتفكيرها مختلفة عنه كليًا، كيف انساق خلف تفكيره الاهوج بالتقرب منها؟ ولكنه عاد ليبرر لنفسه انه فعل ذلك حتى يكتشف الحقيقة فقط، وها هو قد اكتشفها، يبدو أنه متوهم بالفعل وأن روز شخصية مختلفة عن فيروز، وإلا ما كانت لتأتي على عنوان ڤيلا فخمة كهذه وتدخل بتلك السهولة وكأنه منزلها! **** مرت عدة ايام، لم يذهب فيهم يزن الى ذلك الكافيه من جديد ولم يحاول التواصل مع روز التي حاولت قليلًا فقط ولكنه لم يجيب ايًا من اتصالاتها ثم لم تعد تحاول، كان يحاول يزن طي تلك الصفحة من حياته والمضي قدمًا… ولكنه لم يستطع منع نفسه من المجيء الى امام منزل فيروز ليلًا يراقبه وكأنه يريد محو اخر ذرة شك داخله، ظل في سيارته ينتظر خروجها ولكنها لم تخرج، ارتاح اخيرًا وغادر متجهًا الى ذلك الكافيه وانتظر خارجه قليلًا، ولكن المفاجأة كانت حين رأى روز شبه فاقدة للوعي ورجل ما يسحبها معه الى سيارته.. لم يفكر يزن مرتين وهو يترجل من سيارته راكضًا نحوهما ثم انتشلها من بين ذراعي ذلك الرجل صارخًا فيه بغضب: -انت واخدها على فين وهي مش واعية كدا يا