حالة طارئة

حالة طارئة
حالة طارئة
احداث هذه القصة مستوحاة من احداث حقيقية كانت الساعة تشير الى الثانية والنصف صباحا عندما خرجت من البيت نادية وشقيقتها هالة المريضة  التي تتألم بسبب مغص مفاجئ . قلقت جدتها العجوز التي لا تقدر بسبب مرضها على مغادرة الفراش . وتوسلت لنادية ان تأخذ اختها الى المستشفى لخوفها ان يكون مرض خطير . وجال في خاطرها انه قد يكون التهاب الزائدة الدودية والذي اصاب ابنة جارتهم خيريه منذ عدة اشهر وعندما تأخرت في الذهاب بها الى المستشفى اصابتها الحمى وتوفت في غضون اياما قليلة . خصوصا ان هالة الفتاة الصغيرة ذات الاثني عشرة عام كانت فتاة رقيقة جدا وجدتها تعرف عنها انها لن ترضى بإزعاجها وهي مريضة وملازمة للفراش في هذا الوقت المتأخر . وانها لن تشكو من تعب الا اذا كانت لا تقدر على احتماله بالفعل . فالفتاتان يعرفان مسئوليتهما جيدا . من يوم وفاة والديهما في حادث سير منذ سبع سنوات وبرغم صغر سنهما فهما يعرفن تمام المعرفة انه لم يتبقى لهما في هذه الحياه الا جدتهما التي تكفلت بتربيتهما ورعايتهما . وعندما زادت عليها اعباء المعيشة لتربيتهما لم تتردد ابدا و باعث بيتها ومصاغها لكي تتكفل بهما من تعليم وكساء وكل ما يلزم للاعتناء بهما ورضيت بأن تسكن بهم في شقة صغيرة في منطقة جديدة لأن تكلفة شراء شقة في تلك المناطق أقل بكثير من الأماكن القديمة في القاهرة . نظرت الجدة الى نادية برجاء وهى تنظر الى هالة وهي تتألم __ لازم تروح للدكتور دلوقت حالاً­­ .. البت عماله تتلوى بقالها اكثر من ساعة ردت نادية وهى تنظر الى هالة التي زاد عليها الألم وبدا وجهها الذي يتصبب عرقا
شاحبا مصفر اللون1 بس هو انا هلاقي دكتور فين بس دلوقت ؟ _ ردت عليها الجدة والقلق يعتصر قلبها وهي تنظر الى هالة شوفی ای مستشفى يا بنتى .. المستشفيات بتبقى فاتحة بالليل وفيها طوارئ .. انا لو بصحتي _ كنت نزلت انا وديتها المستشفى في البداية كانت نادية ذات الخامسة عشر مترددة لان الوقت متأخر لكى تخرج فتاتان صغيرتان في مثل هذا الوقت المتأخر من الليل . ولكن مع قلقها على اختها الاصغر منها بثلاث سنوات قبلت وفي استعجال بدلت ثيابها من ثياب النوم الى ثياب الخروج واكتفت بشال جدتها المصنوع من الصوف لتضعه فوق كتفيها ليقيها من برودة الشتاء والصقيع الذي سيخرجون اليه وساعدت اختها ايضا على ارتداء ملابسها وأعتنت بها جيدا بأن تجعلها ترتدى ملابس ثقيلة لتقيها من نزلات البرد لانها تعلم أن أختها من اصحاب المناعة الضعيفة في الشتاء فهي دائما الام الحنون لأختها . أعطتهم جدتهن مبلغ من المال لعلهن يجدا وسيلة مواصلات تقلهن الي المستشفى وأعطتهن أيضا كثير من التحذيرات والتعليمات ليحافظن على سلامتهن من أخطار الشوارع وأخطار ذئاب البشر الذين لا يرحمون ضعف صغير ولا وقار كبير وهذا دائما ما كانت تردده جدتهما علي مسامعهن ولكنها الأن تشدد وتردد عليهما بنظرات كلها خوف وقلق مما أثار خوفهما أكثر ولكن مع احساس نادية بالمسئولية تجاه عائلتها طمأنت جدتها على هذا الامر او بالأدق كانت تظن انها تطمئن جدتها التي ودعتهم وهي لاتزال في فراشها محاولة أن تتحرك عسى أن تستطيع الذهاب معهن ولكن بدون جدوى. قبلت نادية يد جدتها في حنان ووعدتها انها ستعود مع أختها ويطمئنوها عليهن . كانا ينزلا على السلم تشيعهما دعوات جدتهما وصوتها الذي يأتي
من الداخل _ ربنا يحفظكم يا بنات ويحميكم من أي شر خرجت نادية مع اختها هالة من المنزل . وفى هذا الوقت كانت شوارع المدينة هادئة تخلو من الناس لاسيما القطط والكلاب الضالة التي تزيد بعوائها خوفهما . تماسكت نادية لكي لا تشعر اختها بالخوف ومع ذلك كانت يدا هالة الصغيره ترتجف وبارده لانها لم تخرج مسبقا في هذا الوقت من الليل ولم يسبق لها أن شاهدت الشوارع خالية من المارة كمثل هذه الليلة . نظرت هالة وهي تتألم الى شقيقتها نادية بخوف _ هو الشارع ماله فاضی کده ليه ؟ ردت نادية وهي تحاول ان تبدو هادئة _ الوقت متأخر _ طیب تعالی نطلع تانی _ هنطلع ازاى وانتى تعبانة كده . لازم نروح المستشفى عشان دكتور يشوفك تلفتت نادية حولها عسى ان تجد احدا تعرفه يساعدهما في الذهاب الى المستشفى ولكنها لم تجد احدا تعرفه او احدا لا تعرفه حيث ان منطقتهم التي انتقلوا اليها من وقت قريب الى مسكنهم الجديد اغلب سكانه لا يتواجدون في الشوارع ليلا مثل سكان المناطق القديمة واغلب المنازل في هذا الحي مغلقة وخالية من سكانها .. تماسكت نادية وهى تمسك بهاالة بقوة _ يلا بينا . متخافيش وبرغم حيرة نادية واصلت هي واختها طريقهما الى المستشفي العام التى لم تكن قريبة من منزلهم ولكن لا يوجد اقرب منها و لم يجدوا وسيلة مواصلات فى هذا الوقت المتأخر . فبدا الطريق كبيرا عليهما . اخذت نادية يد أختها هالة وقررت ان ان تتحدث معها لعل ذلك ينسيها تعبها بعض الشئ _ حاسة بايه يا هالة طمنيني ؟ _ بطنى بتتقطع يا نادية _ حاسة بالوجع فين بالظبط ؟ _ مش قادرة أحدد . حاسه انه في كل بطنى؟ _ انتي أكلتي حاجة وانتى في المدرسة؟ _ لا والله . هي بس الساندوتشات اللى كنتى عملهالی الصبح مش اکثر ظلت نادية تتحدث مع شقيقتها بعد ان شعرت ان حديثهما هذا ينسيها الالم والوجع بعض الشئ ولكي تهون نادية على أختها ظلت تحدثها عن والديهما وكيف تتذكر اهتمام امها وابيها عندما حدث موقف مشابه معها كانت حينها مريضة وارتفعت درجة حراتها بشكل مفاجئ وخرج بها والدها ايضا في وقت متأخر حتى ان والدها كان يمازح امها وهو يحمل ناديه لكي يخفف من قلق امها بأن تأتيه بشهادة ميلاد الصغيرة لكي لا تظن الشرطة انه يخطف فتاه صغيره وبرغم ابتسامته وهو يقول هذه المزحة لوالدتها الا انها كانت تشعر بما يعترى والدها من خوف عليها ولا تنسى ابدا رائحة السجائر المختلطة برائحة العطر الذي كان يستخدمه والتي كانت تنبعث من ملابسه وهو يحملها على يده وهي نائمة على كتفيه لم ولن تشعر بالأمان مطلقا مثل ما شعرت في هذا الوقت من قبل. وكان يؤلمها ان اختها لم تشعر بنفس الاحساس لانها كانت صغيرة وقت وفاتهما ولم تعرف ابدا شعور كيف يكون حنان الاب والامان الذي تشعر به وانت بين ذراعيه ولا ولمسة الأم ودفئها . وأحست نادية انها تزيد من ألام أختها بسبب ذكرياتها هي . ولامت نفسها بداخلها كيف تكون انانية وتروي لأختها عن احساس عاشته هي وتفتقده هالة . فاستجمعت بسرعة شتات افكارها ورجعت تمازح   أختها وتحكي لها مواقف وهما يلعبن والكوارث التي حدثت بفعل لعبهما وظلا يتحدثان حتي يشغلان انفسهن عن طول الطريق الذي كان موحشا بشدة لهما .. نظرت هالة حولها بخوف ثم نظرت الى نادية متسائلة _ هو انتى عارفة فين المستشفى اللى احنا رايحينها دى ؟ ردت عليها نادية بهدوء _ ايوه .. ستك وصفتهالي نظرت لها هالة باحباط _ ستی بقالها كتير مخرجتش من البيت حاولت نادية ان تضحك على جملة هالة لتشعرها بالاطمئنان بعد ان شعرت بانها خائفة من ان يضلا الطريق _ وهى المستشفيات بتقفل يعنى ؟ متقلقيش قربنا نوصل ظلا يتكلمان وهما ينظرا حولهما حتى وصلا الى باب المستشفى الرئيسي. نظرت نادية الى هالة وهى تبتسم بهدوء _ مش قولتلك ادينا وصلنا المستشفى اهو اقتربتا نادية وهالة من المستشفى ووجدتها مغلقة بابها علية قفل كبير من الخارج . ظلا يبحثن عن احد من الماره يسألانه ولكن لايوجد احد . كان الشارع اقرب ليكون مهجور من الناس برغم انه مضاء بمصابيح عمومية وعلى مسافة ليست بقريبة يرون العمارات والمنازل بها اضواء صفراء تنبعث منها تدل على وجود حياة بداخلها . حاولا النظر من خلال فتحات سور المستشفي الحديدي الملون بالاخضر الذي لا تقدر حتى قطة صغيرة ان تدخل من فتحاته حتى الاشجار من خلفه التي تحجب الرؤية بعض الشيء تخرج بفروعها واوراقها من فوقه كأنها تريد الهروب منه .. نظرتا من زاوية خالية من الاشجار الى ساحة المستشفي الكبيرة التى لا يوجد بها احد على مرمى البصر . وتعجبت نادية من انه لا يوجد حراسة . وتمتمت في ضيق _ إزاى مفيش حارس واحد ولا أى انسان نسأله عن مكان إستقبال المرضى. اتممت جملتها بنظرة تعجب تنظر بها الى اختها فوجدت هالة تمسك على جنبها من الالم . فجالت ببصرها أخرى في يأس داخل ساحة المستشفى . ولكنها تلك المرة وجدت شيء يتحرك قادم نحوهما من الظلام.. تراجعت نادية وهى تمسك بيد اختها وعندما نظرت هالة هي أيضا ورأت نفس الشيئ تراجعت خلف ظهر اختها . وعندما رأت ناديه خوف اختها تماسكت ولكنها في نفس الوقت كانت تفتح عينيها وتتحقق جيدا. فالظلام بالداخل قوي ويصعب التحقق من بعيد من شئ . وبداخلها تتسائل ما هذا الشئ الذي ظهر من العدم فى ظلام حالك وكلما اقترب منهما تسارعت دقات قلب نادية التي لم تكن تستطيع ان تلفت نظر هالة الى خوفها التي كادت أن تذوب فيه لكى لا ترتعب هى ايضا وعندما زاد اقتراب هذا الشئ المجهول كادت ناديه التي تمسكت بيد اختها بقوة ان تفر من امام باب المستشفى . ولكنها تماسكت في اخر لحظة .بدأ هذا الشئ الذى يتحرك نحوهما تتضح ملامحه شيئا فشيئا . كانت امرأة تلبس زي الممرضات ورغم ان وجهها يدل على انها في الاربعينات من عمرها الا ان شعرها الابيض الكثيف يغطى جزء كبير من وجهها وكأنها احد الجنيات فى كتب الأساطير . وعندما نظرت الى ناديه وهالة كانت تحدق بهما مثلما كانوا يحدقون بها تماما مضت لحظة من الصمت المخيف وودت ناديه لو انهما لم يأتيا الى هذا المكان في هذا الوقت المتأخر. ولكن ماذا عساها أن تفعل وهي مجبره بسبب خوفها على أختها أن تسأل هذه المرأه الغريبة عن مكأن أستقبال المرضى لكي تجد طبيب يطمئنها على أختها الصغيرة وفى هذه اللحظة بينما كانت هذه الافكار تسيطر على ناديه وهي تنظر الى السيدة بخوف ومزيجا من القلق والحذر. قطعت هالة الصمت وهي تتألم وتحرك ذراع اختها لتنتبه لها _ الوجع زاد اکثر من الأول اعمل ايه ؟. ومع كلمات هالة استجمعت ناديه شتات نفسها وكانت وكأنها قد سقطت في بئر من الخوف والقلق ولكن قلقها على هالة التى تتألم جعلها تنفض أفكار الخوف من رأسها وتتحدث الى تلك السيدة الغريبة التي لاتزال تحدق بهما وكائنها تحدق في عالم واسع امامها شاردة النظرات في وجه ناديه وهالة لا تسمع ما قالته هالة عن المها فسالتها نادية وهي تهتف بصوت عالى _ لو سمحتى ممكن أعرف مكان كشف الطوارئ فين ردت المرأه وهى لا تزال تحدق بهما بنفس العيون الزائفتين _ مين اللى قالكم ان هنا في كشف. المستشفى ليها بوابه تانية تقدري تدخللها منه واشارت السيدة بيدها وهي تتحدث الى الاتجاه الذى يجب على الفتاتان الذهاب اليه فسألتها نادية _ لیه منقدرش ندخل من البوابة دي ؟ احنا عايزين البوابة الأقرب . مش هنقدر نمشی کل ده ولكن المرأة التى انهت كلامها إستدارت وذهبت من حيث أتت وكأنها لم تسمع سؤال ناديه نظرت نادية الى الساعة التي ترتديها ووجدتها الثالثة والربع تماما و ترددت ناديه في الذهاب الى البوابة الأخرى حيث انها تقع فى الجانب الآخر من المستشفى. ونظرت الى أختها لكي تسألها عن رايها. ولكنها وجدت هالة تمسك بكلتا يديها مكان الألم في بطنها ووجهها يبدو أكثر شحوبا من كثرة الألم وترتعش ايضا من بروده الجو .. فخلعت ناديه شالها عن كتفيها ووضعته على كتف أختها الصغيرة . وقررت ناديه فورا الذهاب الى البوابة الاخرى للمستشفى وهى تحث اختها على الصمود _ متقلقيش . احنا كده قربنا استحملى لحد ما نروح البوابة اللى قالت عليها الممرضة دى وهنلاقي هناك دكتور يطمنا واصلا طريقهما الى ان وصلا للبوابة الثانية وعندها وجدا حارس الأمن على البوابة . كان يبدو عليه كبر السن رغم انه لم يكمل الستين من عمره . كان يبدو وكأنه خرج من قبر لتوه فقميصه يمتلئ بالأتربة بشكل واضح وشعره اشعث غير منتظم ويجلس على مقعده المتهالك وحيدا ينظر الى الفراغ امامه . حتى انه لم يشعر في البداية باقترابهما منه .. ولكن مع ذلك تنفست ناديه براحة . فهي أخيرا وجدت البوابة المفتوحة للمستشفى ووجدت أيضا شخص تستطيع أن تسأله .. اقتربت منه نادية وسألته عن مکان استقبال المرضى فقال لها بصوت واهن وهو ينظر إليها والى هالة بشفقة _ ايه اللي جابك من الناحية دي يا بنتي . ده مكان الكشف من الناحية التانية فردت ناديه بحيرة وبغضب _ أنا كنت في الناحية التانية . وكانت البوابة مقفولة . وشفت ممرضة من ورا الباب قالتلي الكشف مش من هنا . وشاورتلي على المكان هنا فنظر لها الحارس بدهشة وبدا وكأن كلامها بعث في داخله الخوف _ مفيش ممرضات في وردية الليل في الاستقبال . الممرضات داخل عنابر المرضي فوق . والاستقبال فيه ممرضين رجاله ازاى شوفتي ممرضة يعني ؟ ردت نادية وكأن الرجل يتهمها بالكذب _ وأنا مالي ما يمكن سايبة ورديتها وشغلها وبتتمشى . أنا الاقي دكتور لأختي فين دلوقت . انا أختي بتتألم يا حاج نظر اليهما الحارس في إشفاق _ ليه مفيش حد كبير معاكم يابنتي في الوقت دا فأحست نادية بالحزن وقالت وهى تمرر يديها على شعر هالة لمواساتها _ بابا وماما تعيش انت . واحنا ملناش غير بعض. وجدتنا ست كبيرة مبتقدرش تتحرك من مكانها ومريضة وخافت على اختي لما تعبت وقالت لازم تروح للدكتور . والنبي يا عم الحاج عايزة اطمن على اختي واروح بيتنا نظر لهما الحارس وهو في حيرة _ اصل الباب ده باب خلفي بعيد عنك يا بنتي . لو دخلتي منه هتعدي من قدام التلاجة والمشرحة واستكمل وهو في تسليم لأمره من نظرات نادية وهالة البريئة والراجية _ أدخلى يا إبنتي .. مكان إستقبال المرضى أقرب للبوابة الثانية . لكن طالما انتي مصرة خلاص . ادخلى من البوابة دي. بدا عليها بعض الخوف وهي تسأله _ هو في مشكلة انى ادخل من هنا ؟ كانت ملامح الخوف بادية على وجهه لكنه ابتسم بهدوء _ سيبيها على الله . بس خدى بالك من نفسك ومن اختك . انا والله لو كان في حد غيري على الباب كنت وصلتكم . بس اتفضلي علشان تطمني على اختك نظرت ناديه اليه متعجبة من كلامه ولكنها شكرته ودخلت هي وهالة بعد أن أشار لها الى الداخل على مبنى قديم . لكي تصل اليه ستمشي ايضا مسافة ليست بكبيره لكنها مظلمة وليس بها الا اضاءة خافتة صفراء فى أولها و آخرها ولكن في المنتصف ظلاما تام تراجعت هالة من الخوف ولكن نادية طمئنتها ومسكت يديها وقالت لها وهى تحاول بث الشجاعة في نفس اختها _ ما تخافيش . هنعدي بسرعة علشان نشوف دكتور .. لسة حاسة بألم ؟ أشارت هالة بوجهها بنعم وهي صامتة وخائفة . واصلا السير وكان طريقا كئيبا يبعث الخوف في اقوى النفوس صلابة وشجاعة … وقعت عينى ناديه على جدار وجدت يافطة صغيرة مكتوب عليها كلمه (مشرحة) والتي ما ان قراتها حتى احست برجفه تنتاب جسدها من اعلى رأسها حتى اخمص قدميها … وحاولت ان لا تلفت نظر هالة التي ترتعد من الخوف والالم والبرد لها واصلت ناديه وهالة طريقهما . وما هي الا خطوات بسيطة وصرخت هالة من الالم الذي كان يزداد بشكل كبير لا تقوي على إحتماله . فانتفضت ناديه رعبا على أختها وظلت تنادى لعل يسمعها احد ويأتي ليساعدهما فلم تجد . وفكرت ان تعود الى الحارس مره اخرى ولكنها نظرت الى ما قطعته هي وهالة فوجدت انها قطعت اكثر من نصف الطريق. ونظرت مره اخرى الى هالة التي كانت تتأوه من الالم ووجدت انها واهنه و لا تقوى على مواصله الطريق ونظرت الى الطريق امامها فوجدت انهما على مشارف المنطقه المظلمه فيه .. حاولت ناديه ان تستجمع شتاتها ونظرت الى هالة واخبرتها _ وهى ترسم على شفتيها ابتسامه لتبعث الطمأنينه في نفس اختها _ استنيني هنا في المكان اللى في نور ده . هحاول اشوف حد يساعدنا قالت لها هالة وصوتها به الكثير من الالم والخوف وهى تنظر الى المكان من حولها _ أنا خايفة يا نادية أبقى لوحدي . ماتسيبنيش هنا أحست نادية بأن كلمات أختها لها مثل سكين حاد ينفذ من ضلوعها الي قلبها. ولكن ماذا عساها ان تفعل. لقد وعدت جدتها ان تحافظ علي سلامة اختها وسلامتها . والان اختها لا تقوى على ان تسير معها ولا تقدر حتي على حملها . فنظرت الي اختها بنظرة توحي بالتصميم والثقة وابتسامة تطمئنها ولكن من الخارج فقط وما بداخلها وما تخفيه نفسها من قلق وخوف لا يمكن لأحد تحمله ولكنها تعودت أن تكون في وضع المسئولية منذ وفاة والديهما وتحملت دائما اللحظات الصعبة التي مرتا بهما معا فهي دائما ما كانت تطمئن أختها من خوفها عند كل امتحان واختبار ولكن الان هذا الاختبار لم تمر به من قبل ولكن الم اختها الشديد الظاهر عليها كان حافز لتماسكها على الاقل امام صغيرتها _ شوفي يا هالة أنا مش هسيبك كتير . هو وقت بسيط و بسرعة هشوف حد يقدر يساعدنا او اجيبلك الدكتور لحد عندك علشان يكشف عليكي ويعالجك . وأنا عارفة انك قوية وتقدرى تستنيني من غير خوف ده انتي دايما اشجع مني ..صح يا حبيبتي فأومأت هالة بالموافقة وهى تحاول ان تدعى مثل اختها الطمأنينة وترسم هي الاخرى على شفتيها نفس الابتسامة لتطمئن ناديه عليها . إستدارت نادية لتواجه الظلام وحدها وهى قلقة على أختها اكثر من قلقها على نفسها .. وتحركت بخطوات حاولت بها ان تبدو واثقه رغم ترددها وتحركت خطوة بخطوة وهي تكلم نفسها بصوت منخفض _ متخافيش . مفيش حاجة تخوف . ما عفريت الا بنى ادم ظلت تكلم نفسها بكلمات تطئن بها نفسها حتى ابتلعها الظلام …. ووقفت هالة وهى تنظر الى اختها حتى بعد ان اختفت تماما عن نظرها .. كانت تشعر بخوف شديد. فهى ليست شجاعة كما حاولت اختها ان تصفها ولكنها في الحقيقة تخاف من اشياء كثيرة .. نظرت هالة تجاه كلمة المشرحة فزادتها خوفا وقشعريرة وتجمعت الدموع في عينيها من الالم والخوف وجلست على أحجار تطوق شجرة من أشجار المستشفى وهي تبكي وتحدث نفسها _ تعالى بسرعة يا نادية . انا خايفة اوى وانا لوحدى يعنى انا كان لازم اتعب بالليل اوى كده . ما انا كان ادامى اليوم كله اتعب فيه . ايه اللى خلانى اتعب في الوقت المتأخر ده بس واثناء جلوسها وهى تنظر الى الارض امامها فوجئت هالة بأرنب صغير يقترب منها وهو يتشمم الارض بین اقدامها .. ابتسمت هالة وتناست الامها للحظات ومدت يدها لتربت عليه ولكن لفت نظرها انه لم يكن وحيدا ولكن كان يتبعه على بعد خطوات بعض الارانب الصغيرة .. ورغم دهشه هالة من وجودهم في هذا المكان الا ان وجودهم جعلها تبتهج وتتناسى الامها مؤقتا وهي لا تعرف ان الالم كان اقل ما ستشعر به في هذه الليله … وفي هذه الأثناء كانت نادية تسير بخطى مسرعة وهى تتلفت حولها عسى أن تجد أحدا يساعدها . سمعت خلفها وقع خطوات تشبه خطوات سيدة تلبس حذاء ذو كعب عالى . فتوقفت ونظرت خلفها فلم تجد أحد فأحست نادية بقشعريرة وخوف وأسرعت تكمل طريقها . ولكن الصوت الذي تسمعه استمر يتبعها وهو يسرع مثلما أسرعت نادية . بدأ قلب نادية يدق بصوت أعلى من صوت الخطوات التي تتبعها وأحست أنها في كابوس لا تقوى على ان تستفيق منه وكانها تائهة ضلت فجأة طريقها ولا تعرف اين المخرج . توقفت ناديه فجأة فأحست أن تيار هواء شديد يخترقها ويمر من بين ضلوعها كاد أن يجعلها تصرخ الى أن وقعت عيناها على مكان به غرفة مضاءة فأسرعت تجرى نحوها ونظرت اليها ووجدت مكتوب عليها (ألاستقبال ) فحمدت الله ودخلت فوجدت ثلاثه اطباء يجلسون حول منضده صغيرة وهم يتكلمون ويضحكون وحولهما اربعة من العمال .. دخلت نادية الى الغرفة وهى تلتقط انفاسها بصعوبة وهى تهتف فيهم _ عايزة دكتور نظر اليها الاطباء الثلاثة متفاجئين بدخولها .. اكملت نادية _ أختى عيانة اوى . وأنا سيبتها في وسط ممر المستشفى اللى بره عشان مقدرتش تمشي وتيجي معايا من كتر الوجع . ممكن حد يساعدني اجيبها هنا تفاعل الاطباء مع ما قالته نادية ونظر أحدهم والذي كان يبدو الاكبر سنا فيهم لأحد العمال الاربعه الموجودين في الغرفه واللذين يجلسون على مقاعد متجاوره _ روح معاها بكرسي هات اختها حالا نهض العامل بهدوء شديد _ حاضر   أخذ العامل في يده مقعد متحرك واشار لها ان تتبعه . ظلت نادية تتبعه في حذر وترقب فهي خائفة منه لا تعلم لماذا . هل يمكن ان يكون بسبب كل ما مرت به في هذه الليلة الغريبة, ام يمكن ان يكون بسبب انها ظنت عندما دخلت الى الغرفة ان هناك شئ غريب بالموجودين بداخلها . عندما وقعت عيناها على هذا العامل وزملائه الجالسين بجواره ظنت في البداية انهم مرضى ينتظرون الكشف عليهم . كان مظهرهم الجامد وكأنهم تماثيل يجلسون دون حراك يدفع اى انسان للخوف منهم .. كانت تود حتى ان تقول له عن ما حدث معها منذ لحظات في نفس المكان الذى تمشي به الان معه قبل ان تجدهم . ولكن غرابة الاحساس التي تحسه تجاهه . ووجهه الذي يبدو عليه اثار حروق . جعلها تشعر انه ليس من الناس الودودين . ظل كل هذا يدور في رأسها حتى وجدت نفسها في المكان الذى تركت به هالة .. نظرت الى المكان الذى تركت به أختها ولم تجدها ووجدت الشال التي اعطته لأختها في المكان التي تركتها فيه . ارتعبت ناديه وظلت تجري هنا وهناك وهى تصرخ باسم اختها وتنادي عليها والعامل واقف مكانه في صمت وهى تجري في الظلام والنور وفجأة أحست أن العالم بدأ ينهار بها . أين أختها هل حدث لها مكروه أو خافت فذهبت باتجاه البوابة التي دخلتا منها مرة أخرى . وهمت نادية بأن تذهب تجاه طريق بوابة المستشفى وحينها قال لها العامل بصوت يبدو غريبا او لعلها هي من شعرت بذلك _ ما يمكن راحت للدكتور التفتت له نادية وردت بقلق وخوف _ ازاى يعني ؟ أنا سبتها وهي خايفة وتعبانة ومش قادرة تمشي . ازاى هتروح للدكتور لوحدها ؟ وبعدين احنا جايين من نفس الطريق اللى بيروحوا منه للطوارئ . على الافل كنا شوفناها وهي ماشية ده مفيش انسان عدى في طريقنا واحنا جايين رد العامل بشكل يدل انه يثق في وجهة نظره _ يمكن يكون حد من زمايلي شافها تعبانة فخدها للدكتور في الطوارئ . تعالى معايا أنا عارف أننا هنلاقيها هناك نظرت له بمزيج من الاستغراب والضيق _ وانت واثق اوى كده ليه اننا هنلاقيها هناك ؟ رد دون ان يفقد نبرته الهادئة _ تعالى بس معايا رغم انها لم تكن تثق به بل وتخاف منه ايضا الا انها لم تكن تملك خيارا اخر فلو رفضت فسوف يتركها مكانها وينصرف . تبعته نادية وهى تتلفت حولها بتوتر وخوف وقلق وقد جن جنونها . وماذا عساها ان تفعل غير ان تتبعه وتعيد في خاطرها كلمات هالة لها من توسلها ان لا تتركها وحدها . وهي تبحث بنظرها عن اختها في وسط الظلام الذي كاد ان يكون شبح ووحش مميت يقضي عليها ويمكن ان يكون قضى على اختها قبلها . وظلت تتساءل داخلها هل اخطأت حين تركت اختها الصغيرة وحدها ؟ ما الذي يمكن ان يكون قد حدث لها ؟ . نظرت للشال الذى تمسكه في يديها وهي يجول في خاطرها اكبر وأسوء المصائب التي جعلتها تهرول وتسبق عامل المستشفى الذي كان يدفع المقعد المتحرك بيديه ويسير هو الآخر بأتجاه غرفة كشف الطوارئ .. وعندما وصلت الى مكان الاستقبال أسرعت لكي تبحث عن أختها فدخلت ووقفت عند باب غرفة الكشف في ذهول وارتياح وتساؤل ايضا عندما وجدت بها الطبيب الذى قابلته منذ دقائق والذي امر العامل ان يذهب معها يكشف على هالة وقبل ان تقول اى شيء او تأخذ أي ردة فعل التفت لها الطبيب وقال لها _ اختك بخير أنا أديتها حقنة مسكنة التفتت هالة الى من يتحدث معه الطبيب وهو ينظر الي باب الغرفة ووجدتها نادية . تهلل وجهها بالسعادة بعد ان كانت تبكي . لأنها عندما جاءت الى الطبيب لم تجد أختها كما كانت تظن ان اختها في انتظارها عند غرفة الكشف . هتفت هالة بسعادة _ نادية انا بقيت كويسة لم تعلق نادية . لم تكن تملك القدرة على الكلام . اكملت هالة وهي تهتف بسعادة _ الدکتور کتر خیره اداني حقنة مسكنة وبقيت كويسة اوى والالم كله راح بقت نادية صامتة وهى تحرك عينيها ما بين هالة والطبيب الذى كان ينهى كشفه على هالة ثم التفت الى نادية بهدوء _ أختك عندها التهاب في الزائدة الدودية هو التهاب بسيط بس ما ينفعش نهمله . انا محتاج تحاليل كتبتهالك هنا . علشان نقرر هنعمل ايه في العلاج وأعطى نادية ورقة بها اسماء التحاليل المطلوبة بعد أن وقع عليها باسمه .. نظرت ناديه بحيرة لأختها وللورقة التي أخذتها من الطبيب ولم تنطق بكلمة واحدة . ساعدت اختها على النهوض وأخذت يدها ليخرجا من غرفة الكشف وهما في طريقهما الى الخروج من المستشفى نظرت نادية الى أختها متسائلة في تعجب ودهشة _ هالة . انتي كويسة دلوقت ؟ أومأت لها هالة برأسها بأنها بخير وسألتها بشكل طفولي انتي روحتي فين ؟ . انا خفت اوى لما وصلت مكان الكشف ولقيتك مش موجودة . بس الدكتور _ طمنى وقالي انك هتيجى ردت نادية عليها سريعا وكأنها كانت في انتظار هذه اللحظة _ ایوه بقى . انا عايزه اعرف انتی وصلتی ازای واكملت سؤالها وهي تضع الشال الذي ما زالت تمسكه بيديها على كتف اختها وتلفه عليها _ وازاى انا ما شوفتكيش وانتي رايحة للدكتور ؟ ده انا روحت وجيت من نفس المكان ومفيش مخلوق عدى كانت هالة التي بدأت تشعر بالأمان تنظر الى اختها وهى تحكى لها _ بعد ما سبتينى كنت خايفة اوى . وفجأة لقيت ادامی ارانب نظرت نادية الى هالة باستغراب _ ارانب ؟ اكملت هالة بحماسها الطفولي _ ايوه . كانت ارانب عادية زى اللى بنشوفها في كل حته . قعدت تلعب حواليا طول ما انا ماشية. بصراحة كانت مونسانی و مخلیانی انسى الالم اللي عندي نظرت لها نادية وقد زادت دهشتها _ وجت منين الارانب دی ؟ ده احنا في مستشفى _ مش عارفة . بس هي كانت موجودة والله نظرت الى نادية التي تنظر لها بتشكك _ انتى فاكرة انى سخنة وبأخرف ؟ رغم كل ما بها ابتسمت نادية وهي تنظر لهالة _ لا انا جسيتك ولقيتك مش سخنه . بس بتخرفى دى مش عارفة اقولك ايه . المهم كملي ايه اللى حصل بعد كده اكملت هالة بحماس فضلت ماشية وراهم . وكل ما اقرب من ارنب منهم واحاول امسكه . يفلت من ايديا. _ _ وبعدين ؟ _ بعدها جه راجل معاه کرسی متحرك وقاللي انتي عايزه اوضة الكشف . قولتله اه . قاللى طب تعالى معايا زاد استغراب نادية من حكاية هالة التي لا تصدق تلك _ ازای ده حصل وانا جيت من نفس المكان ومشوفتكيش ؟ هزت هالة كتفيها وهى لا تعرف اجابة السؤال نادية _ مش عارفة . بس الراجل اللى جه وخدنى للدكتور كان راجل مخيف اوى نظرت اليها نادية باهتمام _ مخیف ازاى ؟ اقشعر جسدها وهى تحكى لنادية وقد تذكرت الرجل ومظهره المخيف _ كان فيه اثار حروق في وشه على ايديه زادت دهشة نادية مما ترويه لها هالة . فالرجل الذي تصفه لها هو نفس العامل الذي خرج معها من غرفة الاستقبال وذهب معها لاحضار هالة وعاد معها مرة اخرى الى غرفة الكشف .. تذكرت كيف كان مصرا على انها ستجد هالة في غرفة الكشف . ولكن كيف كان هذا الرجل معها ومع هالة في نفس الوقت ؟ ولماذا لم يخبرها انه قام بتوصيل هالة الى غرفة الكشف واكتفى بأن يؤكد انها ستجدها هناك ؟ وما هي قصة الارانب التي تختفى داخل المستشفى تلك ؟ . بدا كل شئ عجيب لنادية ولكنها كانت كل ما تفكر فيه الان ان تخرج من تلك المستشفى العجيبة وتعود الى المنزل بعد ان اطمئنت على اختها وزال عنها الالم . نظرت نادية فى ساعة يديها وجدتها الرابعة والنصف . فقررت إنها ستبقى منتظرة هي وهالة الى حين تشرق الشمس حتى يذوب عنهما خوفهما الذي واجهاه في تلك الليلة … وعندما وصلتا الى بوابة المستشفى وجدا الحارس العجوز واقفا ينتظرهما بقلق وخوف عليهما . كان كأنه لم ينتظر عودتهما مرة أخرى فبادر لسؤال نادية _ طمنيني عملتی ايه ؟ ردت نادية بهدوء مبتسمة _ الحمد لله . . طلع التهاب بسيط والدكتور كتبلنا العلاج اهو مدت يدها بالورقة التي اعطاها لها الدكتور الى الحارس الذى امسك بها وهو ينظر فيها متعجبا . لفت ذلك نظر نادية التي نظرت له متسائلة _ هو في حاجة ؟ ابتسم بارتباك وهو يقلب الورقة في يديه في كل الاتجاهات _ لا مفيش . بس مستغرب ليه الروشته اللى كاتبهالك الدكتور مصفرة كده وقديمة وطرفها محروق لم تكن نادية قد لاحظت ذلك عندما اخذت الورقة من الطبيب . ربما لانشغالها بحالة هالة او لخوفها الذي عانت منه قبل ان تجدها . ولكنها بالفعل عندما نظرت الى الورقة وهى في يد حارس الامن لاحظت انها ورقه قديمة مصفرة وكأنها مر عليها سنين طويلة . كما ان اطرافها بالفعل كانت محترقة بعض الشئ . بدأ الخوف يدب مرة اخرى داخل نادية . امسك الحارس بالورقة وهو يقرأ اسم الطبيب ويهز رأسه وكأنه يتذكر شئ _ يا سلام . دكتور طارق سمير ..كان من أشطر الدكاترة اللى كانوا في المستشفى فردت ناديه وهى مندهشة وحذرة من طريقة رد فعله على الأسم _ ايوه هو اللى كشف على هالة اختى . بس انت ليه بتقول كان ؟ ما هو لسه شغال في المستشفى نظر لها بأسى _ دكتور طارق سمير مات كانت جملته صادمة لها _ مات ؟ اكمل الحارس مؤكدا _ ايوه مات من ٣ سنين نظرت له نادية وقد تملكها الخوف متسائلة _ مات ازاي ؟ نظر الى الداخل وعينيه تطل منهما الحزن وهو يتذكر ما حدث وتعلقت عيون نادية وهالة به وهو يتكلم _ من ٣ سنين حصلت حريقة في المستشفى في مبنى الاستقبال القديم . محدش نجى من الحريق. كل اللى فيه ماتوا . دكاترة وممرضين وعمال ومرضى . ومن وقتها والمبنى مقفول ومحدش بيدخله خالص شعرت نادية بقلبها يخفق بشدة من الخوف . هل كانت هى واختها طوال هذا الوقت يتجولان في مبنى محترق ملئ باشباح من ماتوا في الحريق … وأستدارت ناديه وهالة بأتجاه الطريق الذي كانا به داخل المستشفى . ينظرون بذهول على المكان . ودار بعقل نادية كل الأحداث الغريبة التي مرت بها هي وأختها . وما رأته بدون أن تلقى له بالا من علامات حروق على يد الطبيب وهو يعطيها الورقة وأيضا الممرضات كانت عليهم نفس علامات الحريق والعاملين أيضا حتى العامل الذي روت هالة عن يديه حتى أن السيدة التي قابلتها عند البوابة الأولى للمستشفى كان شعرها الكثيف يغطى جزء كبير من وجهها لاحظته أيضا ناديه إنه عبارة عن حروق متفرقة فيه . ولكنها لم تلقى بالا كان كل ما يشغلها مرض أختها كان ذلك يؤكد ما يحكيه حارس الامن لهما . نظرت نادية الى هالة بخوف وبادلتها الاخيرة نفس النظرات كانا قد اتخذا نفس القرار ولكن نادية عبرت عنه بكلمات مقتضبه وهي تمسك بهالة وتتحرك بها _ يلا بينا نمشى من هنا قبل ان تلتفت نادية وهالة ليتحركا خارج المستشفى تذكرت نادية ان الحارس أيضا لديه بعض الحروق المتفرقه على وجهه . وعندما خطر بعقل نادية أنه أيضا يمكن أن يكون شبح مثلهم تجمدت الدماء في عروقها وامسكت بيد هالة بقوة وألتفتت بحذر شديد الى المكان الذى كان يقف فيه حارس الأمن . كان الحارس قد اختفى تماما ولم يعد له اى اثر ووجدت الورقة التي كان يمسك بها الحارس تطير في الهواء وتسقط على الارض . وعندما رأت نادية وهالة هذا المشهد المخيف الذى لن يصدقه أحدا .. فتفقدا حولهما المكان ببصرهم وإتضحت لهما الرؤية فقد كادت الشمس تشرق . فوجدتا العاملين والدكتور والممرضات والحارس أيضا يدخلون مبنى الاستقبال وهم يتلاشون أمامهما وأمتلأ المكان حولهم ببعض الارانب التي تقفز في أنحاء الساحة . فقررت ناديه على الفور المغادرة من هذا المكان التي رأت به هي وأختها ما لم يروه أو يسمعا به سوى فى كتب الأساطير المرعبة والتي لم يتخيلا يوما انها ستحدث لهما بالفعل . دون حتى ان ينظرا الى بعضهما وكأن عقولهما اتفقت على ان تلك وسيلة النجاة الوحيدة من ذلك المكان المرعب .. ركضت نادية ومعها هالة الى خارج المستشفى . ووقفا يلهثان بمجرد خروجهما من باب المستشفى وهما لا يستطيعان حتى النظر خلفهما .. كانت الحياة بدأت تعود مرة أخرى الى الشارع وبدا الناس يتحركون ذاهبين الى عملهم او الاطفال الى مدارسهم .. امسكت نادية بيد هالة المرتجفة وهى تتحرك بها بعيدا عن المستشفى وهي ممسكة بيدها الاخرى بالورقة التي كتبها الطبيب الشبح _ تمت _
تم نسخ الرابط