طبيب نفسي

المحتويات
كانت الساعة تشير الي الخامسة .. فتح شوقى باب الشقة ودخل بخطوات بطيئة .. كان شوقى رجل فى الستين من عمره وهو يعمل خادم لدكتور عاصم السعدني الطبيب النفسي المعروف .. وضع شوقي بعض اكياس الطعام التي كان يحملها في يده بالقرب من الباب واتجه الى حجرة المكتب بخطوات هادئة روتينية حتي وصل الي بابها وفتح الباب وهو يتكلم
_ انا جيت يا دك……
توقف شوقي وهو ينظر امامه بفزع فقد كان دكتور عاصم ملقي علي الارض والدماء تسيل من صدره ..
لم يمر وقت طويل حتي امتلئ الشارع امام المنزل الذي يسكن به دكتور عاصم السعدني بسيارات الشرطة والاسعاف وتجمهر بعض سكان الشارع والمارة حولهم ..
وقفيت سيدتين من سكان الشارع يتحدثان وهما يريان كل ما يحدث امامهما
_ محدش عرف هو اتقتل ازاى ؟
_ لا لسه …بس يستاهل …كانت عينه زايغة
داخل شقة دكتور عاصم وقف مجموعة من افراد المباحث وقد انتشروا فى جنبات حجرة المكتب وهم يقومون برفع البصمات وجمع الادلة .. وامام جثة القتيل وقف وائل الشهاوي وكيل النيابة وبجانبه وقف النقيب حسام النواوي ضابط المباحث يشرح له ما توصله له من معلومات
_ دكتور عاصم السعدني .. طبيب نفسي .. عنده 56 سنه مطلق وعايش لوحده .. العمارة دى ملكه اشتراها من 3 سنين .. عيادته فى شارع مراد فى الجيزة .. هى دى كل المعلومات اللى عندنا لغاية دلوقت
وقف وائل الشهاوي وكيل النيابة وهو يفكر ثم انحني على جثة دكتور عاصم الملقى على الارض والمغطى بملأة بيضاء يتفحصها .. ثم اتجه بخطوات هادئة حتى وصل الى خزانة حديدية متوسطة الحجم مفتوحة وفارغة تماما .. لحق به النقيب حسام ليشرح له
_
الخزنة انفتحت بالمفتاح الاصلى ولقيناه مرمى جنب الخزنة .. ومحدش من الجيران سمع اى اصوات تبين ان كان فى اشتباك ما بين القاتل والمجنى عليه ولا حتى صوت الرصاص حد من الجيران سمعه
كان وائل يجول ببصره في كل ارجاء الغرفة وهو يتكلم مع النقيب حسام
_ مين اللى اكتشف الجريمة ؟
حسام يشير برأسه الى شوقى الذى يجلس منهارا على احد المقاعد وهو يبكى واحد الظباط يقوم ياستجوابه
_شوقى …الخدام بتاعو .. هو اللي اكتشف الجثة وبلغ البوليس
وائل ينظر الى شوقى متابعا اياه ثم يتحرك الى المكتب متفحصا اياه بهدوء ويلفت نظره جريدة موجودة على المكتب فيتلمسها بيده ببطئ .. حسام ينظر لوائل متسائلا باهتمام
_ فى حاجة يا وائل بيه ؟
_ الجورنان ده مبلول
_طب وايه المشكلة فى كده .. ممكن تكون حاجة اتدلقت عليه
وائل يتكلم بهدوء وهو يجول ببصره في المكان من حوله محاولا ان يجد ذلك الشيء الذي انسكب علي الجريدة ثم عاد لينظر الي حسام
_ مفيش حاجة على المكتب ولا فى الاوضه ممكن تبلو .. واضح كمان ان الطباعة ممسوحة فى الجورنان والحبر رايح ..يعنى اكيد حاجة مبلولة اتحطت عليه وبعد كده اتشالت بعد ما نشفت
حسام يمد يده ويتحسس الجريدة
_ فعلا الورق مكرمش اوى .. بس ده معناه ايه
ابتسم له وائل بهدوء
_ لغاية دلوقت ملوش معنى
وائل ينظر الى باب داخل الحجرة ويشير اليه متسائلا
_الباب ده بتاع ايه ؟
_ ده باب حمام صغير ملحق بالمكتب
_ طب تعالى نشوفه
وائل وحسام يتجهان الى باب الحمام وحسام يفتح باب الحمام ووائل يتقدم وينظر داخل الحمام فيلاحظ حنفية الماء البارد المفتوحة قليلا
_حنفية المية الساقعة مفتوحة
_ طب وده معناه ايه ده كمان ؟
وائل ينظر للحنفية التى تتدفق منها الماء بتركيز شديد
_برضو ملوش معنى لغاية دلوقت … بس جايز بعد كده يكون ليه معنى
وائل يخرج من الحمام وحسام يدقق النظر الى الحنفية ثم يتجه الى الخروج من الحمام وراء وائل الذى يخرج ويقف فى وسط الغرفة وهو ينظر الى الغرفة مرة اخرى
_ واضح ان القاتل كان يعرف المجنى عليه كويس اوى .. وعارف ان محدش ممكن يجى فى وقت ما هو بيرتكب جريمته ويكشفه
_ يبقى اكيد حد قريب منه اوى
وائل يعاود النظر مرة اخرى الى شوقى الذى مازال يجلس وهو فى حالة انهيار شديد .. كان مظهر شوقي وهيئته لا يدل علي انه يستطيع القتل ولكنه يظل اهم مشتبه فيه بالنسبة له .. فهو اقرب شخص للقتيل والوحيد حتي الان الذي يعرف كل شيء عنه وهو اول من تواجد في موقع الحادث بعد الجريمة مباشرة .. كلها مجرد قرائن وتخمينات ليس اكثر ولكنه يظل في نظر الجميع المتهم الاول حتي يثبت العكس .. حتي ولو لم يكن مظهره يدل علي انه القاتل فقد مر عليه الكثير من القتلة لم يكن يوحي مظهرهم انهم يستطيعوا قتل دجاجة ولكنهم استطاعوا قتل انسان بمنتهي البرود
في مكتبه كان وائل الشهاوي يجلس على مقعده خلف المكتب وبجانبه السكرتير الذى يدون التحقيق وامامه يجلس شوقى الذى يبدو عليه الارتباك والتوتر.. اعتدل وائل وهو يدقق النظر في شوقي
_ بقالك قد ايه شغال مع دكتور عاصم السعدني ؟
_انا باشتغل عند دكتور عاصم من سنتين تقريبا .. بس انا اعرفه اصلا من 8سنين .. اصل انا كنت شغال عند دكتور سليمان عبد التواب وده كان اقرب صاحب لدكتور عاصم الله يرحمه
_ وسبت دكتور سليمان صاحبه ده ليه ؟
_ اصلو مات
شوقى بارتباك وقد لاحظ نظرات وائل المتشككة فيه
_ اه بس والله ده مات موتة ربنا ..اصله كان عنده القلب .. وبعد ما مات على طول اشتغلت مع دكتور عاصم لانه كان عارفنى كويس وعارف انى مخلص جدا فى شغلى وعمرى ما باخرج سر الناس اللى انا باشتغل عندهم
جملته الاخيرة لفتت نظر وائل
_وهى دى كانت حاجة مهمة اوى عند دكتور عاصم ؟
_اه هو دكتور عاصم كان دايما يقوللى ان دى احسن حاجة فيا
_قوللى يا شوقى هو دكتور عاصم كان بيحب الستات ؟
ابتسم شوقي بارتباك
_ومين فينا مبيحبهمش يابيه
_لا انا قصدى كان من الرجاله اللى عينهم زايغه
_ يابيه كل الرجاله عينهم زايغة .. بس هو بالأمانة مكنش لسانه زايغ
صمت وائل الشهاوي للحظات وهو يدقق النظر في شوقي .. كانت اجاباته غير واضحة وبها الكثير من المراوغة .. المعلومات التي جمعتها المباحث عن دكتور عاصم كانت تؤكد انه كانت له علاقات نسائية متعددة ولكن شوقي يصر علي الا يصرح بذلك بشكل علني ويكتفي فقط بإجابات مبتورة غير مكتملة .. نظر له وائل مرة اخري متسائلا _تعرف حاجة عن مرات دكتور عاصم
_ كل اللى اعرفه انها طليقته مش مراته
_ هو دكتور عاصم طلق مراته ليه
_ انا اشتغلت معاه بعد ما طلقها بحوالى 6شهور .. وعمرى ما شفتها ولا حتى كان ليها صورة فى البيت
_ طب احكيلى اللى حصل امبارح
حكي له شوقي ما حدث في اليوم السابق كاملا منذ ان اتي الي العمل وحتي غادر وكيف اتي بعد ذلك واكتشف جثة دكتور عاصم .. وذكر له ايضا ان دكتور عاصم تلقي مكالمة قبل ان يخرج شوقي من المنزل ولكنه لم يسمع اي كلمة يستطيع ان يخبر وائل بها فقد كان دكتور عاصم حريص دائما ان يخفض صوته اثناء مكالماته الهاتفية بشكل يصعب علي اي شخص ان يستمع لما يقوله
_ كنت بابقى مستغرب لكن كنت باقول لنفسى ان ده عادى ماهو دكتور نفسانى وممكن يكون فى سر مع مريض ومش عايزنى اسمعه ..عشان كده مكنتش بادقق اوى فى الحكاية دى
اومئ وائل برأسه متفهما ذلك وهو يشير له ان يستمر في سرد ما حدث
_ وبعدين يا شوقى ايه اللى حصل
قد يعجبك ايضا
متابعة القراءة