وجهان للحب!

وجهان للحب!
وجهان للحب!

ولكن سرعان ما انطفئ كل ذلك حين اكمل:

-ولا انتي البنت اللي كانت بتحيي الحفلة للرجالة برقصها امبارح!

قالت بجفاف:

-انا ماعرفش انت بتتكلم عن مين يا يزن، بس انا فيروز، فيروز اللي انت عارفها وبس.

سألها مباشرةً:

-انتي كنتي فين امبارح؟

فهزت كتفيها بلا مبالاة وهي تجيبه:

-كنت في بيتنا عادي وماروحتش المهندسين اصلًا ولا اعرف الكافيه اللي بتتكلم عنه.

صمت متنهدًا والتفكير الحائر يهز رأسه بعنف، فأمسكت بكوب القهوة واعطته له قائلة:

-اتفضل كوباية القهوة بتاعتك.

حين مد يده وامسك بكوب القهوة وقعت عيناه على خاتم في اصبعها قد رآه بالأمس في اصبع تلك الفتاة الاخرى!

رفع عيناه الحادة كالصقر نحوها ببطء ليرصد رد فعلها وهو يتابع بينما إصبعه يتلمس الخاتم بنفس البطء المُربك:

-حلو الخاتم دا، هو هو اللي كنتي لابساه امبارح.

وفجأة سقط الكوب من يدها متهشمًا ارضًا، فهبطت على قدميها على الفور تلملم الكوب والتوتر يعبث بثباتها المزعوم.. إلى أن جرحت يدها رغمًا عنها، فأمسك يدها على الفور بلهفة لم يستطع السيطرة عليها، متسائلًا بقلق:

-انتي بتعملي إيه؟ سيبيها خلاص ايدك اتجرحت.

نزعت يدها من يده بعنف وهي تصيح فيه بحنق:

-ابعد عني ملكش دعوة بيا، ولو كان على الخاتم فهو مالي شارع الحسين، مش بيتباع مخصوص ليا انا يعني!

ثم غادرت المكان على الفور دون أن تمهله فرصة للرد، تاركة اياه ينظر في اثرها بشرود؛ لا يدري هل هو مَن يبالغ في شكوكه ام انها تخفي سرًا وشيئًا كبيرًا؟!

 

****

عادت “فيروز” الى منزلها الذي تعيش فيه مع والدها بمفردهما، ألقت حقيبتها على المقعد وتوجهت نحو المطبخ على الفور رغم ارهاقها؛ لتسارع بإعداد الطعام قبل عودة والدها والشجار العنيف معه كالعادة إن وجدها لم تعد الطعام بعد..

 

وبعد قليل حدث ما توقعته، حيث عاد

والدها من الخارج وفي فمه سيجارة يدخنها بشراهة، ثم نادى عليها:

-فيروز، انتي يا زفتة ياللي اسمك فيروز.

خرجت من المطبخ متجهة نحوه وهي تجيبه:

-نعم يا بابا.

سألها بحدة لطالما تأصلت في نبرته معها:

-فين الطفح اللي هنطفحه؟ انتي لسه ماخلصتيش؟!

اخبرته بهدوء متمنية أن تنجح في تلاشي غضبه المهتاج دومًا نحوها:

-لا لسه بس قربت خلاص.

امسك السيجارة بيده ومد يده الاخرى نحوها مشيرًا لها أن تعطيه، فغمغمت فيروز:

-مش فاهمة!

هتف بصوتٍ أجش:

-هاتي الفلوس، اوعي تكوني مفكراني ناسي إن النهارده ميعاد قبضك في الشغل.

ابتلعت ريقها وهي تردف بخفوت يشوبه التوتر:

-مش معايا.

إلتوت شفتاه في استهجان وهو يعتدل من مضجعه في تأهب:

-يعني إيه مش معاكي؟!

رفعت كتفيها معًا متابعة في قلة حيلة:

-يعني القبض اتأخر ماقبضتش النهارده.

حينها نهض فجأة قابضًا على خصلات شعرها السوداء بعنف وهو يزمجر في وجهها:

-انتي هتستعبطي عليا يا بت انتي، كدابة ومفكرة نفسك ناصحة، لا دا انا انصح منك ومن اللي خلفتك، الفلوس تطلع حالًا وإلا وديني لأديكي علقة من بتوع زمان تفكرك الفلوس فين لو ناسية.

صرخت فيه بانفعال لا تدري أ كان من الالم الذي نبع من خصلاتها التي تكاد تتمزق ام ألم روحها التي تئن منذ زمن دون أن يغيثها احد:

-عايزها عشان تروح تصرفها على القرف اللي بتشربه دا وانا افضل طول الشهر استلف واشحت عشان ناكل؟!

هدر فيها بقسوة :

-وانتي مال اهلك اصرفها على إيه؟ الفلوس دي حق قعدتك في بيتي، وإلا لو مش عاجبك غوري عيشي مع امك.

خرج صوتها متحشرجًا بألم وهي تحاول افلات خصلاتها من قبضته:

-ما أنت عارف إن…

ثم قطعت كلماتها التي كلما ترددت داخلها تشعر أنها كنصل قاسٍ يزيد جرح روحها تقرحًا وألمًا…

فتحدث هو بتشفي وجبروت:

-إن هي مش طايقاكي ولا عايزاكي وفَضَلِت جوزها الجديد عنك.

عضت على شفتيها بقهر شديد تمنع آآهٍ مكتومة كادت تشق حلقها لتخرج للنور معربة عن استنزاف صاحبتها.

فيما ألقاها والدها أرضًا ببرود وقسوة متلفظًا:

-غوري هاتي الفلوس حالًا احسنلك.

لم يكن امامها سوى الخضوع له ولجبروته كالعادة، فهي ليس لها ملجأ من براثنه، هي وحيدة.. منبوذة بشكلٍ ساحق.. تشعر أنها حتى لو فارقت الحياة لن يهتم سوى لفقدانه مصدر للمال!

****

 

في اليوم التالي ما أن حل المساء كان “يزن” يُنهي استعداده للذهاب لذلك الكافيه، حتى يرى  تلك الفتاة التي تنفي أنها تعرفه…

وصل الى المكان المنشود فوجدها تجلس جوار نفس الشاب الذي لم يروقه ابدًا.. حاول تجاهل ذلك الوخز الحاد في صدره بالغيرة، واتجه نحوهما هاتفًا بهدوء:

-مساء الخير.

قال الشاب بنزق:

-أنت تاني!

ولكنه تجاهله تمامًا وهو يوجه حديثه للاخرى:

-ممكن نتكلم شوية؟

سألته متأففة بشيء من الضيق:

-أنت عايز مني إيه؟!

اخبرها ببساطة:

-مش عايز منك حاجة غير إني اقعد واتكلم معاكي بس.

فتدخل الرجل بينهما متحدثًا بصوت أجش مغتاظ:

-هو انت شايفها قاعدة مع قرطاس لب ولا إيه؟!

زجره يزن بحدة محذرًا اياه من نفاذ صبره:

-خليك في حالك احسنلك يالا.

فوضع يده على كتفه بتحدٍ وهو يسأله:

-ولو ماخلتنيش في حالي هتعمل إيه بقى يا لذيذ؟

-هعمل كدا.

قالها يزن وهو يلكمه بغل نافثًا في وجهه كل غضبه الاسود وغيرته التي تغلي داخله كالمرجل، فهب الآخر نحوه بجنون ليلكمه، وفي خضم الشجار بينهما امسك يزن زجاجة كانت موضوعة وكان ينوي ضرب ذلك الأبله بها إلا أنها اوقفته بصراخها الذي تردد:

ولكن سرعان ما انطفئ كل ذلك حين اكمل: -ولا انتي البنت اللي كانت بتحيي الحفلة للرجالة برقصها امبارح! قالت بجفاف: -انا ماعرفش انت بتتكلم عن مين يا يزن، بس انا فيروز، فيروز اللي انت عارفها وبس. سألها مباشرةً: -انتي كنتي فين امبارح؟ فهزت كتفيها بلا مبالاة وهي تجيبه: -كنت في بيتنا عادي وماروحتش المهندسين اصلًا ولا اعرف الكافيه اللي بتتكلم عنه. صمت متنهدًا والتفكير الحائر يهز رأسه بعنف، فأمسكت بكوب القهوة واعطته له قائلة: -اتفضل كوباية القهوة بتاعتك. حين مد يده وامسك بكوب القهوة وقعت عيناه على خاتم في اصبعها قد رآه بالأمس في اصبع تلك الفتاة الاخرى! رفع عيناه الحادة كالصقر نحوها ببطء ليرصد رد فعلها وهو يتابع بينما إصبعه يتلمس الخاتم بنفس البطء المُربك: -حلو الخاتم دا، هو هو اللي كنتي لابساه امبارح. وفجأة سقط الكوب من يدها متهشمًا ارضًا، فهبطت على قدميها على الفور تلملم الكوب والتوتر يعبث بثباتها المزعوم.. إلى أن جرحت يدها رغمًا عنها، فأمسك يدها على الفور بلهفة لم يستطع السيطرة عليها، متسائلًا بقلق: -انتي بتعملي إيه؟ سيبيها خلاص ايدك اتجرحت. نزعت يدها من يده بعنف وهي تصيح فيه بحنق: -ابعد عني ملكش دعوة بيا، ولو كان على الخاتم فهو مالي شارع الحسين، مش بيتباع مخصوص ليا انا يعني! ثم غادرت المكان على الفور دون أن تمهله فرصة للرد، تاركة اياه ينظر في اثرها بشرود؛ لا يدري هل هو مَن يبالغ في شكوكه ام انها تخفي سرًا وشيئًا كبيرًا؟!   **** عادت “فيروز” الى منزلها الذي تعيش فيه مع والدها بمفردهما، ألقت حقيبتها على المقعد وتوجهت نحو المطبخ على الفور رغم ارهاقها؛ لتسارع بإعداد الطعام قبل عودة والدها والشجار العنيف معه كالعادة إن وجدها لم تعد الطعام بعد..   وبعد قليل حدث ما توقعته، حيث عاد
والدها من الخارج وفي فمه سيجارة يدخنها بشراهة، ثم نادى عليها: -فيروز، انتي يا زفتة ياللي اسمك فيروز. خرجت من المطبخ متجهة نحوه وهي تجيبه: -نعم يا بابا. سألها بحدة لطالما تأصلت في نبرته معها: -فين الطفح اللي هنطفحه؟ انتي لسه ماخلصتيش؟! اخبرته بهدوء متمنية أن تنجح في تلاشي غضبه المهتاج دومًا نحوها: -لا لسه بس قربت خلاص. امسك السيجارة بيده ومد يده الاخرى نحوها مشيرًا لها أن تعطيه، فغمغمت فيروز: -مش فاهمة! هتف بصوتٍ أجش: -هاتي الفلوس، اوعي تكوني مفكراني ناسي إن النهارده ميعاد قبضك في الشغل. ابتلعت ريقها وهي تردف بخفوت يشوبه التوتر: -مش معايا. إلتوت شفتاه في استهجان وهو يعتدل من مضجعه في تأهب: -يعني إيه مش معاكي؟! رفعت كتفيها معًا متابعة في قلة حيلة: -يعني القبض اتأخر ماقبضتش النهارده. حينها نهض فجأة قابضًا على خصلات شعرها السوداء بعنف وهو يزمجر في وجهها: -انتي هتستعبطي عليا يا بت انتي، كدابة ومفكرة نفسك ناصحة، لا دا انا انصح منك ومن اللي خلفتك، الفلوس تطلع حالًا وإلا وديني لأديكي علقة من بتوع زمان تفكرك الفلوس فين لو ناسية. صرخت فيه بانفعال لا تدري أ كان من الالم الذي نبع من خصلاتها التي تكاد تتمزق ام ألم روحها التي تئن منذ زمن دون أن يغيثها احد: -عايزها عشان تروح تصرفها على القرف اللي بتشربه دا وانا افضل طول الشهر استلف واشحت عشان ناكل؟! هدر فيها بقسوة : -وانتي مال اهلك اصرفها على إيه؟ الفلوس دي حق قعدتك في بيتي، وإلا لو مش عاجبك غوري عيشي مع امك. خرج صوتها متحشرجًا بألم وهي تحاول افلات خصلاتها من قبضته: -ما أنت عارف إن… ثم قطعت كلماتها التي كلما ترددت داخلها تشعر أنها كنصل قاسٍ يزيد جرح روحها تقرحًا وألمًا… فتحدث هو بتشفي وجبروت: -إن هي مش طايقاكي ولا عايزاكي وفَضَلِت
جوزها الجديد عنك. عضت على شفتيها بقهر شديد تمنع آآهٍ مكتومة كادت تشق حلقها لتخرج للنور معربة عن استنزاف صاحبتها. فيما ألقاها والدها أرضًا ببرود وقسوة متلفظًا: -غوري هاتي الفلوس حالًا احسنلك. لم يكن امامها سوى الخضوع له ولجبروته كالعادة، فهي ليس لها ملجأ من براثنه، هي وحيدة.. منبوذة بشكلٍ ساحق.. تشعر أنها حتى لو فارقت الحياة لن يهتم سوى لفقدانه مصدر للمال! ****   في اليوم التالي ما أن حل المساء كان “يزن” يُنهي استعداده للذهاب لذلك الكافيه، حتى يرى  تلك الفتاة التي تنفي أنها تعرفه… وصل الى المكان المنشود فوجدها تجلس جوار نفس الشاب الذي لم يروقه ابدًا.. حاول تجاهل ذلك الوخز الحاد في صدره بالغيرة، واتجه نحوهما هاتفًا بهدوء: -مساء الخير. قال الشاب بنزق: -أنت تاني! ولكنه تجاهله تمامًا وهو يوجه حديثه للاخرى: -ممكن نتكلم شوية؟ سألته متأففة بشيء من الضيق: -أنت عايز مني إيه؟! اخبرها ببساطة: -مش عايز منك حاجة غير إني اقعد واتكلم معاكي بس. فتدخل الرجل بينهما متحدثًا بصوت أجش مغتاظ: -هو انت شايفها قاعدة مع قرطاس لب ولا إيه؟! زجره يزن بحدة محذرًا اياه من نفاذ صبره: -خليك في حالك احسنلك يالا. فوضع يده على كتفه بتحدٍ وهو يسأله: -ولو ماخلتنيش في حالي هتعمل إيه بقى يا لذيذ؟ -هعمل كدا. قالها يزن وهو يلكمه بغل نافثًا في وجهه كل غضبه الاسود وغيرته التي تغلي داخله كالمرجل، فهب الآخر نحوه بجنون ليلكمه، وفي خضم الشجار بينهما امسك يزن زجاجة كانت موضوعة وكان ينوي ضرب ذلك الأبله بها إلا أنها اوقفته بصراخها الذي تردد:
تم نسخ الرابط