وجهان للحب!

-شكرًا يا يزن على الهدية والاعتذار.
ابتسم، ثم قال بصوت حاني وهو يضع يديه في جيبه:
-ماهو ماكنش ينفع اسيبك زعلانة.
لم ترد، لكنها شعرت بدقات قلبها تثور وقد صارت كل خلاياها في حالة هرج ومرج، وكأنها على اعتاب بداية شيء جديد… شيء لم تختبره من قبل..
بينما هو شعر أنه تائه مُحاصر من الجهتين؛ فيروز و روز.. هل هما نفس الشخصية؟ ام انهما مختلفتان، وكيف يكن مشاعر لكليهما؟!
هل يتقرب منهما حتى يصل للحقيقة ويعلم لِمَ تتلاعب به؟ ام لقلبه رأي آخر؟!
****
مر اكثر من اسبوعان…
تقرب فيهم “يزن” من “روز” واصبحا يجلسان سويًا كثيرًا في ذلك الكافيه وفي عدة اماكن اخرى، وفي نفس الوقت توطدت علاقته كثيرًا بـ فيروز، فأصبح يتأرجح ما بين الكفتين!
وفي احد الأيام حين كان يجلس مع “روز” في الكافيه يثرثران كعادتهما بلا هدف، سألها يزن بهدوء:
-صحيح يا روز ماقولتليش انتي بتشتغلي إيه بقى؟
هزت كتفيها معًا مرددة ببساطة:
-انا مش بشتغل اصلًا.
عقد ما بين حاجبيه متسائلًا بحروف تلاحم بها الاستنكار:
-ازاي مش بتشتغلي؟ امال بتعملي إيه في حياتك بتصحي من النوم تيجي تقضي وقت في الكافيه او في اي مكان وبس كدا؟
اخبرته ببساطة لم تنفصل عن الدلال الممتزج بنبرة صوتها:
-تقدر تقول اه.. بتستمتع بحياتي بالطول والعرض، وبعدين انا لسه ملاقتش الشغلانة اللي بحلم بيها.
عاد ليسألها باهتمام:
-يا ترى بتحلمي بإيه بقى ؟
ناغشته برقة مُدللة:
-ليه هتحققلي حلمي؟
فأكد بمكر:
-يمكن! مين عارف.
فجأة استقامت في جلستها وكأنها ادركت شيء في غاية الاهمية، قبل أن تضيف بلهفة:
-تصدق صح، انت اللي هتحققلي حلمي.
-اللي هو إيه بقى؟
اتسعت ابتسامتها وهزت كتفيها في نعومة تزينت بثقتها في انوثتها المهلكة:
-انا عايزة ابقى ممثلة، ما تتوسطلي عند مخرج كدا.
غمغم بعفوية بما يجول تفكيره:
-ممثلة! هو دا المناسب
لطريقك دا فعلًا.فضيقت ما بين حاجبيها وهي تسأله في استهجان غاضب:
-ماله طريقي بقى؟!
حاول استدراك الوضع مستخدمًا مهارته في مداعبة الانثى التي تخضع ببضع كلمات حلوة:
-ولا حاجة ياستي، اقصد واحدة قمر ورقيقة زيك لازم تبقى ممثلة امال هتبقى إيه.
-اه بحسب.
غمغمت بنزق، فشاكسها بقوله:
-اجيبلك آلة طيب عشان تحسبي كويس؟
رغم انها لم تقتنع كثيرًا الا انها لم تُصر على ذلك الحديث، فغايتها اسمى واهم، لذا سألته:
-المهم يعني هتساعدني ولا لا؟
تنهد مطولًا ثم استطرد برزانة:
-بصي اوعدك هحاول رغم انه صعب لاني مليش معارف كتير بخصوص الاخراج وكدا، بس هحاول عشان خاطرك.
ابتسمت بحماس مرددة:
-يبقى اتفقنا.
مر الوقت ولكن “يزن” لم يغادر مبكرًا كعادته في كل مرة بل تعمد البقاء حتى نهاية السهرة ليرى الى اين ستتجه روز، واين يقطن منزلها..
وبعد ان انتهت السهرة، نهضت روز يتبعها يزن الذي قال لها:
-انتي رايحة فين؟
اردفت بنبرة بديهية:
-هكون رايحة فين يعني! ماشية.
اشار لها بيده متابعًا:
-طب تعالي اوصلك بالعربية.
ولكنها أبت بلباقة وهي تنفي برأسها :
-لا ميرسي مش عايزة اعطلك.
ولكن الاصرار كان يبزغ من عينيه وكلماته، وكأنه عزم على ألا يدعها تفلت من قبضته بهذه السهولة:
-ودي تيجي برضو؟! دي حتى تبقى عيبة في حقي، تعالي ياستي مش هتعطليني متقلقيش.
بدا عليها التردد الكبير وكأنها تفكر بشيء، ثم اومأت برأسها موافقة على مضض:
-ماشي.
وبالفعل ركبت معه السيارة، وكانت شاردة لدقائق عديدة، الى أن قطع شرودها صوت يزن الذي تحدث مشاكسًا:
-يا روز هانم، يا بخته اللي واخد عقلك ياستي.
سألته ببسمة مرتبكة بعض الشيء:
-كنت بتقول حاجة؟
استرسل بمرح وهو يبادلها الابتسامة :
-ياااه دا انا قولت حاجات، بس اهمهم، فين عنوانك بالظبط في المقطم؟ ولا ناوية توصفيلي شارع شارع؟
اخبرته العنوان بالتفصيل وعادت لتلتزم صمتها من جديد، فظل يراقبها طوال الطريق، كانت فصول وجهها تتغير مع مرور الدقائق الى أن وصلت للشتاء القارص الشاحب؛ وكأنها لا تذهب الى منزلها بل الى حتفها!
وصلا امام ڤيلا، وبالطبع كانت مختلفة عن عنوان فيروز الذي يعرفه، ترجلت روز من السيارة وهي تغمغم بصوت مكتوم:
-شكرًا يا يزن.
لم تمهله حتى وقت لسماع رده بل غادرت على الفور، وظل يزن يشاهدها عن بُعد، وقفت امام البوابة لدقيقتين تقريبًا، ثم حسمت امرها بالدخول وكأنها ادركت ان يزن لا زال يراقبها.
دخلت روز بخطى مرتعشة من بوابة الڤيلا، وما أن وصلت للباب الداخلي حتى طرقته بخفوت شديد متمنية ألا يُفتح لها ابدًا…
ولكن طلت امنيتها عالقة حيث فُتح الباب وظهر امامها ذلك الرجل الكريه الذي لم تكره مثله في حياتها، شملها بنظراته المقززة التي لطالما عرفتها واشمئزت منها، ثم هتف:
-اهلًا اهلًا بست البنات الحلوين، اتفضلي.
-فين ماما؟
سألته مباشرةً وهي تتراجع خطوتان في تأهب بعيدًا عنه، فأكمل بذات النبرة:
-امك جوه، تعالي ادخلي متخافيش مش هاكلك.
هزت رأسها نافية بإصرار:
-لا نادي ماما انا هسلم عليها بس وهمشي.
ولكنه فجأة جذبها من ذراعها بقوة حتى أصبحت شبه ملتصقة به وهمس بجوار اذنها بلهجة توحي بقذارة افكاره نحوها:
-ودا ينفع برضو؟ طب وجوز ماما مالهوش من الطيب نصيب؟
دفعته بعيدًا عنها بقوة وهي تشهق وكأنها على وشك الاختناق، ثم صرخت في وجهه بشراسة امتزجت بالنفور:
-انت انسان قذر حقير.
تجلى الغضب على قسماته وهو يتشدق بـ:
-طب وليه الغلط دا بقى يا حلوة؟ طب يلا غوري في داهية، امك اصلًا مش عايزة تشوف خلقتك عشان عارفة إنك جايه تتسولي وتاخدي منها فلوس.
-شكرًا يا يزن على الهدية والاعتذار. ابتسم، ثم قال بصوت حاني وهو يضع يديه في جيبه: -ماهو ماكنش ينفع اسيبك زعلانة. لم ترد، لكنها شعرت بدقات قلبها تثور وقد صارت كل خلاياها في حالة هرج ومرج، وكأنها على اعتاب بداية شيء جديد… شيء لم تختبره من قبل.. بينما هو شعر أنه تائه مُحاصر من الجهتين؛ فيروز و روز.. هل هما نفس الشخصية؟ ام انهما مختلفتان، وكيف يكن مشاعر لكليهما؟! هل يتقرب منهما حتى يصل للحقيقة ويعلم لِمَ تتلاعب به؟ ام لقلبه رأي آخر؟! **** مر اكثر من اسبوعان… تقرب فيهم “يزن” من “روز” واصبحا يجلسان سويًا كثيرًا في ذلك الكافيه وفي عدة اماكن اخرى، وفي نفس الوقت توطدت علاقته كثيرًا بـ فيروز، فأصبح يتأرجح ما بين الكفتين! وفي احد الأيام حين كان يجلس مع “روز” في الكافيه يثرثران كعادتهما بلا هدف، سألها يزن بهدوء: -صحيح يا روز ماقولتليش انتي بتشتغلي إيه بقى؟ هزت كتفيها معًا مرددة ببساطة: -انا مش بشتغل اصلًا. عقد ما بين حاجبيه متسائلًا بحروف تلاحم بها الاستنكار: -ازاي مش بتشتغلي؟ امال بتعملي إيه في حياتك بتصحي من النوم تيجي تقضي وقت في الكافيه او في اي مكان وبس كدا؟ اخبرته ببساطة لم تنفصل عن الدلال الممتزج بنبرة صوتها: -تقدر تقول اه.. بتستمتع بحياتي بالطول والعرض، وبعدين انا لسه ملاقتش الشغلانة اللي بحلم بيها. عاد ليسألها باهتمام: -يا ترى بتحلمي بإيه بقى ؟ ناغشته برقة مُدللة: -ليه هتحققلي حلمي؟ فأكد بمكر: -يمكن! مين عارف. فجأة استقامت في جلستها وكأنها ادركت شيء في غاية الاهمية، قبل أن تضيف بلهفة: -تصدق صح، انت اللي هتحققلي حلمي. -اللي هو إيه بقى؟ اتسعت ابتسامتها وهزت كتفيها في نعومة تزينت بثقتها في انوثتها المهلكة: -انا عايزة ابقى ممثلة، ما تتوسطلي عند مخرج كدا. غمغم بعفوية بما يجول تفكيره: -ممثلة! هو دا المناسب