باب رزق

باب رزق
باب رزق
انها إحدى أيام الشتاء الباردة والتي يستعذب فيها المرء البقاء تحت الأغطية حتى وهو مستيقظ في مثل هذا التوقيت حتي ليكاد يندمج هو والاغطية في بعضهما البعض كلاهما يلتمس الدفء من الاخر ويمده به. يستلقي رزق الثلاثينى نائما في سريره يشد الغطاء نحوه يغطي به جسده النحيل ورأسه كث الشعر ونصف وجهه بل يوشك ان يفتح فيه فتحة صغيرة يخرج منها انفه لولا احتياجه الماس للتنفس ما اخرجها وهو يرتدي )تي شيرت( ملونا وبنطالا ثقيلا اسود لو شاء ان يرفعه ليصل لكتفيه ما اعترض البنطال علي ما يفعله. وكانت اشترته له امه منذ سنوات بمقاس اكبر من مقاسه بدرجتين او ثلاث درجات املا في ان يستمر في ارتداءه حتي عندما يكبر الا انه لم يكبر سوي في السن وظل هذا البنطال واسعا عليه لا يرتديه الا ساعة النوم. يستلقي رزق وهو مستغرق في النوم تماما لا يشعر بما حوله في حجرته أو جزيرة القطن الخاصة به يبتسم ربما لأنه يري حلما جميلا لا يريد الاستيقاظ منه. كان يري سيارته تمشي في أحد الشوارع دون ان يقودها احد بينما يقف هو بعيدا يراقبها وهو لا يدري كيف يتصرف تقترب منه السيارة لتتوقف بمحاذاته قبل ان ينفتح بابها من تلقاء نفسه وما ان يفعل حتي ينهمر مبلغا ضخما جدا من المال واقعا علي الأرض كان يمنعه من السقوط باب السيارة يهرع رزق جاريا نحو المال يجمعه وعلي وجهه ابتسامة جشعة انتقلت الي ملامحه في الحقيقة وهو نائم بينما تفتح الباب وتدخل امه المرأة الستينية القوية الغرفة مصدرة جلبة من يحاول ايقاظه عامدا لتفتح الشباك عليه وهي تصيح به قائلة في حنق بالغ –
يا ابني قوم بقي ريقي نشف اصحيك يضم رزق الغطاء لجسده أكثر تلمسا للدفء وهو يتقلب بجسده مشيحا بوجهه بعيدا عن امه محاولا استكمال نومه – هو مواال كل يوم ده مش هانخلص منه بقي .. قوم بقي قامت قيامتك يفتح رزق عينيه بصعوبة وهو نصف نائم ليحادث امه قائلا – في ايه يا اما بس ؟ هو الساعة كام دلوقت؟ تجيبه الام ساخرة – الساعة تسعة ونص يا اخويا يفتح رزق عينيه في ارتياع ويعتدل بسرعة ويقف في منتصف الحجرة يتلفت حوله في حيرة لا يدري كيف يتصرف قبل ان يلتقط هاتفه المحمول ويطالع شاشته ساخطا – والتليفون الزفت ده ما رنش ليه .. انا اتأخرت جدا عالشغل – التليفون رن لما داخ يا حبيب قلب امك …   يخلع رزق التي شيرت الذي يرتديه علي عجل ويتجه نحو علاقة الملابس ليلتقط قميصه محاولا ارتداءه فتصيح به امه في سخرية مبطنة – انت بتعمل ايه؟ …. مش هاتطس وشك بشوية مية الاول يا موكوس؟؟ ينظر لها رزق دون ان يرد ويلتقط فوطته في الية من فوق أحد الكراسي ليضعها على كتفه ويغادر الحجرة دقائق معدودة ليعود للحجرة ليرتدي ملابسه علي عجل ويتجه نحو باب الشقة ليصيح – انا نازل يا حاجة عايزة حاجة؟ يغلق رزق باب الشقة خلفه دون ان ينتظر ردا بينما تعلو همهمات امه من الداخل تدعو له بصلاح الحال. ينزل رزق سلالم البيت قفزا بينما تتبعه الام لتفتح باب الشقة وهي تصيح – في شوية طلبات هابقي ابعتهالك تجيبها معاك وانت جاي يصيح رزق قائلا دون ان يلتفت – حاضر يا حاجة حاضر .. بينما يكمل رزق مغمغما – لو فضلنا عالحال ده مش هايبقي في مرتب أصلا نجيب طلبات يخرج رزق من باب العمارة ليتجه الي
احد الأرصفة المجاورة للبيت والخالي من السيارات ليقف ناظرا حوله في حيرة قبل ان يحك رأسه في غباء وهو يبحث حوله عن سيارته دون جدوي في نفس اللحظة يتجه كارم بواب في اوائل الخمسينات من العمر يرتدي جلبابا صعيديا وعمة نحو بوابة العمارة حاملا شنطة بلاستيكية سوداء منتفخة في يده ليدخلها ولكن يستوقفه رزق ويبادره بالسؤال قائلا – هي العربية راحت فين يا عم كارم؟؟ يبدو ان كارم قد تفاجأ بالسؤال فيصمت لثوان مفكرا قبل ان يتسائل بصوت مسموع – عربيتك انت يا أستاذ رزق؟؟ يجيبه زرق ساخرا سخرية سوداوية قبل ان يتراجع – لا عربية مدام نهلة اللي في السابع … ايوه يا عم كارم عربيتي يحك كارم رأسه في حيرة مزيحا عمته لامسا فروة رأسه – انت متأكد إنك ركنتها هنا امبارح يا استاذ رزق؟؟   يبدو الإحباط علي وجه رزق وكأنه كان يخشي ان يسأله كارم هذا السؤال قبل ان يجيبه متبرما – حاول تفتكر انت كده يا عم كارم انا من ساعة ما رجعت من الشغل امبارح ما خرجتش صح؟ يجيبه كارم وكأنه يخشي ان يتورط بسبب الأجابة – علي ما افتكر يعني يا أستاذ زرق .. انت ركنتها هنا امبارح … تشرق ملامحه وكأنه تذكر اما ما فيصيح متحمسا – ايوه ايوه ساعة ما كلمتك علي وصولات الكهربا .. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في نفس هذه اللحظة ومن خلف شيش أحد الشقق المقابلة تمام لمكان رزق يقف شخص مجهول الملامح في حجرة مظلمة تماما يمسك منظارا مكبرا ينظر فيه من خلال الشيش عبر شباك المنزل يراقب رزق وحيرته في البحث عن السيارة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يقف رزق محاولا ان يعتصر خلايا مخه مثل الاسفنجة محاولا ان يستخرج منها أي معلومة تذكره بالمكان الذي وضع فيه سيارته امس ولكنه لم بستطع ان يهتدي لأي معلومة تبرد النيران التي تستعر بداخله بينما تبدأ قطرات من العرق في التجمع علي جبينه وغصة تحتل مكانها رويدا رويدا في قلبه وهو يبلع ريقه بصوت مسموع. يخرج هاتفه النقال ويضرب ازراره في سرعه ثم يضعه علي اذنه ثوان وينفتح الخط فيجيب قائلا في سرعة – الو … ايوه يا عماد .. انت اخدت العربية بتاعتي؟؟ .. يهز رزق رأسه في نفاذ صبر قبل ان يجيب محدثه وقد بدأت انفعالاته في التصاعد تدريجيا – ياعم والنبي بطل تهريج انا صاحي متأخر عن الشغل وهايتخصم لي تلات ايام … يستمع لمحدثه لثوان قبل ان يجيبه في ثورة امال هاتكون راحت فين يعني؟ … خلاص اقفل اقفل اما اشوف راحت فين؟ يتنحنح كارم وهو يحادث رزق مترددا تردد من يخشي ان يكون الرسول الذي يزف الاخبار السيئة   – انا خايف اقولك علي حاجة يا استاذ رزق … بس تقريبا كده العربية اتسرقت .. يبدو الارتياع واضحا علي ملامح رزق لحظة ادراكه ان السيارة قد تكون سرقت وكأن هذا الخاطر لم يجل بخاطره فيسب ساخطا – هو اليوم كان باين من اوله … انا ايه بس اللي نزلني من بيتنا يشعر كارم بالخدر في ذراعه الذي يحمل الشنطة البلاستيكية فينقلها بتلقائية الي الذراع الأخرى فتمر به لحظة إدراك انه يحمل أشياء ينتظرها من ارسلوه في جلبها فيستأذن مغادرا
تم نسخ الرابط