كان لك معايا – الجزء الثاني

كان لك معايا – الجزء الثاني
كان لك معايا – الجزء الثاني
لقراءة  كان لك معايا – الجزء الأول مكتب صبري يجلس صبري أمام مكتبه. المكتب منظم بشكل كبير، ويبدو عليه الثراء الفاحش. نرى ذلك من خلال الديكور الباهر، والتماثيل والتحف الفنية التي تملأ أركان المكتب. الإضاءة خافتة. صبري يمسك سيجارًا في يديه، يشعله في هدوء، ثم يضع الولاعة أمامه على المكتب. ينفخ براحة كبيرة، ثم يسند ظهره على كرسيه، وكأنه يشعر بنشوة الانتصار. تقوم إسراء بالطرق على باب المكتب وتدخل، وهي تحمل في يديها بعض الأوراق والملفات، اسراء فتاة ثلاثينية، فائقة الجمال، مهندمة، يفوح منها عطر قوى، ملامحها تدل على الطيبة، وغالبا ما يبدو عليها التوتر . تضع الملفات أمامه على المكتب، ثم تذهب لتقف بجانبه. وهو ينظر إليها بإعجاب شديد، يقوم بمسك يديها ويتحدث إليها: صبري: ها، الموظفين كلهم مشوا؟ إسراء: أيوة، كلهم. فاضل بس موظفين البوفيه، وهيمشوا دلوقتي. بس مالك؟ شكلك مبسوط على الآخر. صبري: النهاردة بس يا إسراء، هحقق أكبر انتصاراتي على يوسف. إسراء (يبدو عليها الاستغراب الشديد): يوسف؟ قصدك يوسف الدهبي؟ صبري: أيوة، هو يا إسراء. بعد السنين دي كلها، هعرف آخذ حقي منه. وهضربه ضربة هتوجعه بجد. لا، دي ممكن تكون آخر ضربة ليه. إسراء (يبدو عليها التوتر، لكنها تحاول أن تتمالك نفسها): ده إزاي بقي؟ ناوي تعمل إيه؟ صبري: لا، مش وقت حكاوي. هقولك كل حاجة في وقتها. خلينا في المهم. هتعملي إيه بعد الشغل؟ إسراء (بلا مبالاة): ولا حاجة، زي ما تحب. صبري: روحي. أنا عندي مشوار مهم جدًا. ممكن تقولي ده أهم مشوار في حياتي. إسراء: تمام، أوكي. بس قبل ما أمشي، أبقى امضي الأوراق دي علشان الصبح الشغل ما يعطلش. وأنت بتيجي براحتك قوي. صبري (يتنهد ثم يأخذ نفسًا من السيجار): لا، الفترة اللي جاية هتلاقيني هنا بدري. وبدرى قوي كمان. إسراء (تنظر إليه باستغراب شديد، ثم تتجه نحو
الباب، ولكن يغلبها التوتر والفضول): انت مش عايز تريحني طيب، وتقولي ناوي على إيه؟ صبري (بنرفزة): جري إيه يا إسراء؟ قولتلك هبقى أحكيلك كل حاجة في وقتها. اتفضلي. (تخرج إسراء ثم تغلق الباب خلفها. يعتدل صبري في جلسته، ثم ينظر إلى الأوراق أمامه.) سيارة إسراء تقود إسراء سيارتها في هدوء شديد، يبدو عليها التوتر. تتذكر تلك الليلة، تلك الليلة التي تخلت فيها عن حب حياتها من أجل أحلام ذائبة. اعتقدت أنها يمكنها أن تتحرر من كل القيود التي كانت تحيط بها. كانت فتاة تحب الانطلاق، طموحة ولديها شغف للحياة. لم تكن تعلم أن الجميع كان يرغب بها لجمالها الشديد. لم تنسَ أنها تخلت عن حبها ليوسف ولم تحارب من أجله. استسلمت لكون يوسف يحب زوجته حبًا لا يوصف. لم يكن ليتركها. ثم تذكرت حال يوسف في تلك الأيام: شاب يكافح ويجتهد، ولكن كانت الحياة ضده. لم يصل إلى ما هو عليه من فراغ. ربما اعتقدت أن المال سيسبب لها السعادة. رضخت لصبري في أن تعمل معه. لم تكن تعلم أنه كان يستغلها فقط لأنها تحب يوسف. أي شيء يحبه يوسف هو بالنسبة لصبري غنيمة. عداء قديم استمر لسنوات طويلة. برغم أن صبري أكثر ثراءً وقوة من يوسف، إلا أنه يكن له ضغينة وغيرة مستمرة. كل ذلك كان لأنه كان يحب زوجة يوسف. برغم أنهم كانوا أصدقاء بالماضي، لكنها اختارت يوسف. استطاعت أن تكسب قلبه وعقله معًا. وللصراحة، كانت تستحق. كانت تبدو كالملاك: رقيقة وحنونة، تشعر معها بالأمان. انتبهت لصوت الهاتف وهو يرن. نظرت إليه في صمت، ثم فتحت نافذة السيارة. شعرت وكأنها تختنق، وأنها تريد استنشاق بعض الهواء. رن الهاتف مرة أخرى. أمسكته في لا مبالاة. إسراء: أيوة يا بابا، لا
خلاص أنا في الطريق. (تضع الهاتف بجانها وتعتدل في جلستها في هدوء. تقود وهي تترقب الأضواء واللافتات في الطريق. تشعر وكأنها تسير بلا معنى، أو بلا هدف. تتخبط الأفكار في رأسها. تريد معرفة نوايا صبري، ولكن كان سؤالها الأهم: هل ستقف مكتوفة الأيدي، وهي تشاهد صبري يحاول إيذاء يوسف؟ هل تستسلم لذلك، أم أنه يتوجب عليها فعل شيء؟)     منزل شريفة تجلس شريفة ممتدة على أريكتها وهي تشعل سيجارة، وتشاهد التلفاز. ترتدي بيجامة منزلية، وأمامها على المنضدة بعض المسليات. يرن جرس الباب، فتنهض من مكانها وتتجه نحو الباب، وتقوم بفتحه لتجد صبري أمامها. تنظر إليه في لا مبالاة، ثم تتجه للداخل. يدخل خلفها ويغلق الباب، ويتحدث إليها وكأنه يحاول تلطيف الأجواء معها. صبري: إيه المقابلة دي؟ شريفة: هو انت جاي علشاني مثلاً؟ انت جاي علشان مصلحتك. جاي علشان الفلاشة. صبري: وماله؟ كل واحد فينا بيدور على مصلحته. أنا هاخد الفلاشة، وإنتي هتاخدي فلوسك، ويبقى الكل مبسوط. ولا مش هتبقي مبسوطة؟ شريفة: لا إزاي؟ أكيد هبقي مبسوطة. هي الفلوس عمرها تزعل يا صبري بيه. صبري: صبري بيه حتة واحدة. لا، ده إنتي شكلك قافشة على الآخر. عموما يا ستي. (يخرج شيكًا من جيبه ويقوم بإعطائه لشريفة.) صبري: ده الشيك بتاعك بالرقم اللي إنتي قولتيه. (تمسك شريفة الشيك بيديها، تنظر إليه ثم تبتسم.) شريفة: تمام. بس خد بالك، مقدمناش وقت كتير. محسن جاي هو كمان علشان ياخد الفلاشة. صبري (باستغراب): محسن؟ وهو انتي هتدّي الفلاشة لمحسن ليه أصلاً؟ وهو محسن محتاج الفلاشة في إيه؟ ما هو معاه أكسس على كل حاجة. (تخرج شريفة الفلاشة من حقيبتها وتعطيها لصبري.) شريفة: محسن عرف اللي أنا عملته، وهدّنني إنى متصرفش في الفلاشة. وكمان قال لي لو عرف إنها راحت كدة أو كدة، إني هزعل قوي. صبري: طيب، وبعدين؟ شريفة: ولا قبلين. أنا خلاص قررت أسافر. هصرف الشيك، وأسافر. صبري: هتروحي فين؟ شريفة: لا، دي لسة محددتهاش. المهم، امشي انت بقي علشان ميطبش علينا، وتبقى مشكلة كبيرة ليا وليك. صبري: ما يطب. هو انتي فكراني بخاف ولا إيه؟ أنا لو مشيت همشي بس علشان إنتي متتأذيش. مع إنه يعز عليا فراقك.
تم نسخ الرابط