قصور من رماد

المحتويات
خرجت شيرين من مكتب مدير الشركة حازم جبر وهي سعيدة .. كان قد أثني لتوه علي الملف الذي قدمته له والذي عملت علي تفاصيله لأسبوع متواصل .. كانت شيرين تعمل في إدارة العلاقات العامة بشركة كبرى للاستثمار العقاري .. لم يمر علي تعيينها ستة أشهر ولذلك كانت تلك الاشادة التي حصلت عليها من مدير الشركة علي عملها تعني لها الكثير .. زملاءها في الشركة خاصة زميلتها نشوي التي تجلس علي المكتب المجاور لمكتبها يطلقون احيانا بعض التلميحات ان سبب اشادة المدير المستمرة بما تفعله سببه انها ابنة اللواء مصطفي الصاوي والذي كانت لعلاقته الوطيدة بمدير الشركة اثرا قويا في تعيينها في الشركة والتعامل معها بشكل خاص يختلف عن باقي الموظفين .. كانت تلك التعليقات تثير استياءها في البداية ولكن والدها نصحها ان عليها ان تتجاهلها تماما .. حكي لها انه عندما تم ترشيحه الي منصبه الحالي كان يتنافس معه العديد من زملائه علي نفس المنصب وعندما ظفر بهذا المنصب كان كل ما في جعبتهم الانتقاص من الانجاز الذي حققه والذي كانواهم يحلمون بتحقيقه مثله ولم يستطيعوا ذلك .. فأعداء النجاح _ علي حد وصفه _ عندما يفشلون في فعل ما تفعله ينتقصون مما فعلته انت حتي يفقدوك لذة نجاحك الذي اوجعهم.. ولان شيرين كانت دائما تعتبر والدها مثلها الاعلى في كل شيء فقد اقتنعت ان عليها الا تصغي لما يقال حولها وان تستمتع بنجاحها وتفوقها في عملها .. جلست خلف مكتبها وابتسامتها تملئ وجهها .. لفت ذلك نظر نشوي زميلتها التي نهضت سريعا واقتربت منها وهي تنظر لها باهتمام
_ ايه مالك طالعة مبسوطة اوي كده ليه من مكتب مستر حازم
؟
ابتسمت بثقة
_ كالعادة يا بنتي .. مستر حازم مبسوط اوي من شغلي
نشوي وهي تتجه بهدوء لتجلس خلف مكتبها
_ يا بخت من كان النقيب خاله
تضحك شيرين
_ اللوا يا بنتي مش النقيب
تسند نشوي رأسها علي راحتي يديها وهي تهز رأسها متمنية
_ يا سلام .. كان نفسي في أب زي باباكي ده
تبتسم شيرين بسعادة وهي تتكلم بثقة
_ لا زي بابا مش هتلاقى
_ انتي بتقولي فيها .. فعلا والله مش هلاقي .. ده كل اللي بيعمله عشانك كوم وانه من ساعة ما اشتغلتي معانا وهو مفوتش يوم الا لما تنزلي بعد ما تخلصي شغل تلاقيه واقف مستنيكي بعربيته عشان يوصلك البيت
تضحك شيرين
_ لا ده حسد بقي عيني عينك
_ هو انا بس اللي بإحسدك علي باباكي .. ده كل اللي في الشركة بيحسدوكي عليه
كان ما تقوله نشوي تعلمه شيرين جيدا فوالدها بوسامته وأناقته الملفتة بجانب منصبه المميز واهتمامه البالغ بها كان يجعلها بالفعل مثار حسد معلن من كل زملاءها .. لكن كان هذا الحسد يثير السعادة بداخلها فقد كان يؤكد لها انها مميزة ..
انهت شيرين عملها وخرجت لتجد والدها ككل يوم ينتظرها داخل سيارته ..
كان مصطفي الصاوي والد شيرين والذي كان يعمل في منصب مهم في احد الجهات الأمنية وسيم بدرجة كبيرة .. شاربه المنمق وشعره الاسود الذي اختلط ببعض الشعر الابيض في تناغم وجسده القوي جعله يبدو كأحد نجوم السينما القدامى او احد ابطال الروايات البوليسية التي يعشقها الشباب .. دلفت شيرين الي سيارة والدها وهي تلمح بطرف عينيها نشوي تمشي مع زميلة اخري وهما ينظران اليها هي ووالدها ويتهامسان .. ابتسمت وهي تنظر لوالدها بحب
_ اتأخرت عليك ؟
ابتسم لها بحب
_ لا يا حبيبتي انا لسه واصل
قالها وهو يدير محرك سيارته ويتحرك بها .. ابتسمت وهي تمر من امام نشوي وزميلتها الاخرى وعيونهما تكاد تخترق زجاج السيارة ليتأملا والدها .. كان والدها لشدة وسامته واناقته جعل البعض يعتقدون في البداية انه حبيبا او حطيبا لها حتي جعلته يزورها في العمل ليعرف الجميع انه والدها ومن يومها وعبارات الاشادة ومحاولات التقرب منها تأتي من الزملاء الرجال وعبارات الاعجاب والتغزل في والدها تأتيها من زملاءها النساء .. نظرت لوالدها مبتسمة باعتزاز
_ مستر حازم بيسلم علي حضرتك
_ قوليلي مرتاحة في الشغل ؟
ردت بسعادة وحماس
_ جدا .. وهو مستر حازم بيقوللي اني هاترقي وابقي اصغر مديرة في الشركة
نظر لها بحب وهو يربت علي يدها
_ بنت مصطفي الصاوي بقي .. هتطلعي شاطرة وذكية ومتميزة لمين يعني ؟
ابتسمت بسعادة .. فقد كانت تلك الكلمات تشعرها بالثقة اكثر .. فهي تعرف انها من الفتيات المحظوظات بأب بتلك المواصفات ..
وصلا الي منزلهم .. كانت وفاء والدتها قد انتهت لتوها من اعداد طعام الغداء وشهد شقيقتها الصغري الطالبة في السنة الثالثة في كلية التجارة تساعدها في اعداد المائدة .. دخلت شيرين سريعا الي غرفتها وقامت بتغيير ملابسها وانضمت الي مائدة السفرة التي التف حولها والدها ووالدتها وشقيقتها شهد .. مثلما كان والدها رجل متميز كانت والدتها طباخة ماهرة .. التقط مصطفي قطعة من اللحم الموجود امامه ووضعها في فمه وهو يأكلها باستمتاع ثم التفت الي وفاء مبتسما بحب
_ حلو اوى البفتيك بالجبنه الرومى ده
ابتسمت وفاء
_ بالهنا والشفا يا حبيبى .. انت عارف ان انا احسن واحدة تعمله
_ لا دي مقدرش انكرها .. انتي استاذة في اصناف كده احسن شيفات في العالم ميقدروش يعملوها زيك ابدا
نظر مصطفي الي شيرين وشهد ممازحا
_ اتعلموا الوصفات دي بقي من مامتكم .. مش هتلاقوا زيها في اي حتة
ابتسمت شيرين
_ متقلقش يا بابا انا وشهد برضو زي ما وارثين منك حاجات كتير وارثين من ماما النفس الحلو في الأكل برضو
ابتسم مصطفي
_ طب كويس .. يعني مش هنقلق عليكم لما تتجوزوا ان شاء الله
ردت شهد مستنكرة
_ هو شرط اننا نتجوز اننا نكون بنعرف نطبخ ؟.. طب انا لما اتجوز مش هاطبخله هاخليه هو اللي يطبخ ويعملي الشاي كمان
ضحك مصطفي
_ الله يكون في عونه
قاطع حديثهم صوت جرس الباب نهضت شهد مسرعة لتفتح الباب لتتفاجئ بشاب وسيم يرتدي بدلة انيقة وهو ينظر لها مبتسما بهدوء
_ مساء الخير
ردت شهد بارتباك بعد ان شعرت بأن عينيها تأبي ان تبتعد عن ملامحه الوسيمة وابتسامته الساحرة
_ مساء النور
_ مصطفي بيه موجود ؟
_ اه موجود .. اقوله مين ؟
_ ادهم .. ادهم ابو بكر
رددت الاسم بصوت خافت وهي تحاول ان تحفظه ثم ابتسمت دون ان تتخلي عن ارتباكها
_ حاضر .. ثانية واحدة
تركته شهد واقفا امام الباب وانطلقت مسرعة الي والدها الذي كان لايزال يتناول طعامه
_ بابا
_ ها يا شهد شوفتي مين ؟
ردت وهي مازالت مرتبكة
_ ابو بكر
نظر لها باستغراب
_ ابو بكر مين ؟
هزت شهد رأسها وهي تحاول استعادة الاسم كاملا
_ ادهم .. ادهم ابو بكر
نهض مصطفي سريعا بمجرد ان سمع منها اسم ادهم
_ اه صحيح .. ده انا نسيت اني كنت مديه ميعاد النهاردة
اشار لشهد
_ دخليه الصالون عبال ما اغسل ايدي
ثم التفت الي شيرين
_ وانتي يا شيرين اعملي اتنين قهوة مظبوط ودخلهملنا
تحركت شيرين الي المطبخ ولمحت وهي تمر ادهم الذي كانت شهد تقوده الي غرفة الضيوف .. رغم ان عينيها لم تقع عليه الا للحظات لكنها شعرت ان به الكثير من والدها .. وسيم وانيق وله شخصية متميزة .. ضحكت من نفسها وهي تقوم باعداد القهوة لوالدها وضيفه .. كيف لها ان تكون رأي في شخص لم تراه الا لحظات ولا تعرف شيء عنه او حتي عن علاقته بوالدها .. اعدت شيرين القهوة التي طلبها والدها وخرجت من المطبخ وهي تحمل صينية عليها فنجاني القهوة لتجد شهد تقف في صالة المنزل بالقرب من غرفة الضيوف وهي تنظر الي باب الغرفة .. ابتسمت شيرين وهي تنظر لها بدهشة
_ ايه يا بنتى مالك واقفه متنحه كده ليه
_ اصلك مشفتيش الضيف اللى جه لبابا دلوقت .. حته واد مز اخر حاجة
_ والمز اخر حاجة ده جاى لبابا ليه ؟
_ مش عارفه بس واضح ان بابا مهتم بيه اوى
نظرت شهد الي صينية القهوة التي تحملها شيرين ثم نظرت الي شيرين تترجاها
_ بأقولك ايه .. ما تديني القهوة ادخلهالهم انا
_ انتي يا بنتي مش كنتي بتقولي لما تتجوزي هتخلي جوزك هو اللي يعملك الشاي
_ اه ده جوزي .. لكن ادهم ده يستاهل ادخله القهوة بنفسي
قالتها وهي تمد يديها لتأخذ الصينية من شيرين التي ابعدتها عنها
_ لا انتي بمنظرك ده هتدخلي تقلبي القهوة علي بابا واللي معاه
زمت شهد شفتيها بضيق وابعدت يديها وتركت شيرين تبتعد وتابعتها بضيق وهي تتجه الي غرفة الضيوف .. دخلت شيرين وهي تحمل صينية القهوة واقتربت لتضعها امام والدها وضيفه .. اعتدلت وهي تنظر لوالدها
_ عايز حاجة تانية يا بابا ؟
كان موقعها متميز لتري تفاصيل وجه ادهم بشكل اوضح .. كان شاب في الثلاثين تقريبا .. بشرته الخمرية وشعره الناعم مع عينيه الضيقتين يعطيان له مظهر مميز .. تلك الصورة له التقطتها عيناها في اجزاء من الثانية ورغم انها كانت تثبت نظرها علي والدها الا انها شعرت ان عيني ادهم مثبتة عليها لا تبارحها ..
نظر مصطفي لشيرين مبتسما
_ لا يا حبيبتي شكرا …
ثم حول نظره الي ادهم وهو يكمل
_ شيرين بنتي الكبيرة .. بتشتغل في العلاقات العامة في شركة تسويق عقاري
وكأنه كان ينتظر ان يقوم مصطفي بتعريفه بها .. نهض ادهم سريعا وهو يمد يده ليصافح شيرين ..
مدت شيرين يدها بدورها لتصافحه والتقت عيناها بعينيه .. لم يكن الامر كسابقة مجرد نظرات مختلسة تحاول بها استكشاف هذا الوافد الي منزلهم بل كان لقاء كامل بين عينيها وتلك العينين الضيقتين اللتان تشعان سحرا عجيبا .. كان عليها ان تنهي ذلك اللقاء سريعا وان تنسحب فسحبت يدها من يد ادهم سريعا وهي تنهي لقاء تلك النظرات المتبادلة بابتسامة ترحيب روتينية وانسحبت من الغرفة بهدوء .. بمجرد ان خرجت من غرفة الضيوف واغلقت الباب خلفها انطلقت بخطوات سريعة وكأنها تهرب من شيء يطاردها حتي دخلت الي غرفتها والفت بنفسها علي فراشها وصدرها يعلو ويهبط بانفاسها المهتاجة بداخله .. كانت تتعجب من نفسها لماذا تهتم بهذا الشخص الغريب عنها وهي التي لم تهتم يوما لكل من حاول التقرب منها .. ولماذا هو ايضا كان ينظر لها هكذا ؟ .. لقد شعرت ان عينيه كانت مثبتة عليها منذ لحظة دخولها الي غرفة الضيوف حتي عندما انسحبت لتخرج شعرت ايضا ان عينيه لم تفارقها حتي اغلقت الباب خلفها .. لماذا كان يتأملها هكذا وتلك هي المرة الاولي التي يراها فيها ..
دخلت شهد الي الغرفة ووجدتها علي حالتها تلك فاقتربت منها بهدوء ونظرت لها بدهشة وهي تنام مفتوحة العينين وتحملق في سقف الغرفة .. نظرت اولا الي ما كانت تنظر اليه شيرين حتي تتأكد ان لا شيء مميز يلفت نظر شيرين ثم مدت يدها تهزها بقوة
_ ايه يا بنتي مالك باصه للسقف كده ليه ؟
انتبهت شيرين لصوت شهد الذي قطع تخيلاتها فاعتدلت لتجلس علي فراشها
_ لا مفيش .. اصل انا تعبت النهاردة في الشغل اوي
_ تعبتي في الشغل ؟! .. ما انتي كل يوم بتروحي الشغل وبتيجي عادي وبتقعدي تناكفي فينا طول اليوم
ضحكت شيرين وهي تحاول تغيير دفة الحديث
_ قوليلي بابا لسه عنده الضيف بتاعه ولا نزل ؟
_ لا نزلوا هما الاتنين
كانت متلهفة ان يرحل ادهم وحده حتي تعرف من ابيها من هو ادهم هذا وما هي علاقته تحديدا به .. كان عليها ان تنتظر حتي المساء لتعرف منه كل ما تريد معرفته ولكن امعانا منها في اخفاء فضولها بثت كل اسئلتها في اذني شهد حتي تجعلها هي التي تطرح الاسئلة ويتوقف دورها فقط عند الاستماع لإجابات والدها فقط .. عرفت ان ادهم ابو بكر رجل اعمال شاب يعمل في الاستيراد وان والدها تقابل معه صدفة وعرض عليه ادهم ان يتعاونا في صفقة يقوم ادهم للتحضير لها .. كان والدها سيشارك بجزء من المال من ميراثه الذي كان من فترة طويلة يريد استغلاله في مشروع يدر عليه ربح يعينه بعد ان يخرج من وظيفته بعد سنوات .. وبخلاف تلك المعلومات ذكر لهم ايضا مدي اعجابه بشخصية ادهم وطموحه وكيف استطاع ان يحول شركة والده الخاسرة والمكبلة بالديون الي شركة ناجحة تتعامل مع بعض الدول الاسيوية ويقوم باستيراد بعض المنتجات التي يحتاجها السوق في مصر وحكي لهم عن علاقاته التي شاهد صور وفيديوهات ولقاءات من قنوات اجنبية تحكي عنها .. كان من الواضح ان والدها معجب به بشدة ..
مر اسبوعين بعدها لم يخلو منزلهم من مكالمات تجمع والدها بأدهم او احاديث والدها عنه وقت الغداء او العشاء .. كانت تحاول الا تبدي اهتماما كبيرا ولكنها بداخلها كانت تهتم يوما بعد يوم بكل ما يذكره والدها عنه ..
وفي احد الايام بعد ان فقدت شقيقتها الوعي وهي في جامعتها بسبب اهمالها لتناول الطعام تفاجأت شيرين وهي تذهب الي المستشفى بأدهم موجود مع والدها .. كان كأنه ابنا له هو الذي يتابع مع الطبيب ويتحرك في كل ارجاء المستشفى وقام ايضا بدفع حساب المستشفى ولم يتركهم حتي وصلوا الي المنزل .. كانت فرصة جيدة ليتبادلا بعض العبارات التقليدية ولكنها كانت كافية ليصبح تعارفهما اقوي ..
جمعتهما بعدها احاديث هاتفية عابرة عندما كان يتصل بوالدها علي هاتف المنزل جعلت علاقتهما تصبح اقوي ..
وفي احد الايام بعد ان انهت عملها خرجت وهي تتوقع ان تجد والدها ينتظرها ككل يوم ولكنها فوجئت بأن من يقف في انتظارها هو ادهم .. اقتربت منه وهي تتلفت حولها بارتباك تبحث بطرف عينيها عن والدها لعله يقف بسيارته بالقرب من مكان عملها لكنها لم تجده .. وصلت الي ادهم وهي تخفي ارتباكها هذا بابتسامة هادئة
_ ازيك
_ ازيك انتي
_ انت كنت هنا بتعمل ايه ؟
_ انا جاي عشان اوصلك
_ ليه هو بابا فين ؟
_ بابا في البيت .. بس انا استأذنته ان انا اجي النهاردة اوصلك
ابتسمت بخجل
_ مش فاهمة
_ طيب ما بدل ما نتكلم في الشارع .. تعالي اوصلك وهافهمك علي كل حاجة في الطريق
لم يكن امامها اي فرصة لرفض عرضه ولم تكن تريد الرفض ولكنها ابدت بعض التردد لتعزز من موقفها انها لا تشعر ولا تفكر في شيء تجاهه .. استقلت سيارته وتابعت ردود فعل نشوي وباقي زملاءها اللذين كانوا يتابعون ادهم وهو يستقل السيارة بجوارها والفضول ينهش عقولهم ويظهر جليا علي ملامح وجوههم .. انطلق ادهم بالسيارة في غير الطريق الذي اعتاد والدها ان يتحرك فيه .. كانت تتمني ان يحدث ذلك ولكنها نظرت الي ادهم بدهشة
_ ده مش طريق البيت
_ متخافيش مش هاخطفك
_ طب علي الاقل اعرف احنا رايحين فين
_ ايه رأيك نقعد في مكان نتكلم شوية ؟
_ انت بتاخد رأيي دلوقت وانت بعدت عن طريق البيت
_ لو مش حابه ممكن اغير طريقي واوصلك
شعرت ان حدتها ستفقدها تلك الفرصة فابتسمت بهدوء
_ لا مفيش مشكلة .. انا مكنتش حابه اروح دلوقت
ابتسم بارتياح
_ تمام .. واوعدك ان المكان اللي هنروحه هيكون علي ذوقك وهيعجبك
ابتسمت باستغراب
_ وعرفت منين انه هيعجبني ؟
ابتسم بثقة
_ جربيني
توقف بسيارته امام كافتيريا علي النيل .. بعد ثواني قليلة كانا يجلسان حول مائدة داخل الكافتيريا .. نظرت حولها الي تلك الاجواء الرائعة ثم نظرت له وهي تحاول ان تبدي استغرابها
_ عرفت منين اني بأحب النيل ؟ .. بابا اللي قالك ؟
_ لا بابا مقاليش حاجة .. بس واضح ان انا وانتى فى بينا حاجات كتير مشتركة
_ انت كمان بتحب النيل ؟
_ باحب النيل وباحب القهوة في كوبايه وباحب الصحرا لما عنيا متعرفش تجيب اخرها
ضحكت
_ ده انت دخلت صفحتي بقي
_ اه وشوفت حاجات كتير عنك واستغربت ان حاجات كتير من صفاتك اللي بتقوليها زيي بالظبط
صمتت فنظر لها باهتمام خوفا من ان تكون قد غضبت مما قاله لها
_ انتي زعلتي اني شوفت صفحتك ؟
_ لا عادي ما هي صفحة موجودة ومتشافه للناس كلها .. وبعدين انا معنديش حاجة اخبيها او اخاف ان حد يشوفها
_ ودي من الحاجات اللي عجبتني فيكي
كانت جملته تلك تحمل الكثير من المعاني التي قد تكون عادية اوقد تنقل علاقتهما لمستوي اخر
_ عجبتك فيا ؟
_ ايوه عجبني فيكي انك صريحة مش بتحبي تخبي نفسك ورا عبارات شكلها حلو ولا شخصية مش شخصيتك
_ غريبة ! مع انك كاتب انك بتحب العصور القديمة لما كانت الست مش بتشتغل وشايف ان دورها في البيت اهم من شغلها
ابتسم ابتسامة ذات معني جعلتها تتوقف عن حماسها فقد كشفت له للتو انها ايضا تابعت صفحته وقرأت كل ما فيها .. جعلها ذلك تشعر بالارتباك خاصة وهي تري ابتسامته تتسع .. اعتدل ليقترب منها بهدوء
_ فرحان انك كمان كنتي مهتمة وبتتابعي صفحتي عشان تعرفيني اكتر .. زي ما انا عملت
ارتبكت شيرين وهي تحاول الدفاع عن نفسها
_ لا والله ده انا شوفت صفحتك بالصدفة
ابتسم ادهم بهدوء وهو يركز نظره علي عينيها
_ باحب جدا الصدف اللي من النوع ده
شعرت ان كل ذرات جسدها تهتز .. كانت نظرات عينيه تقتحمها دون ان تستطيع السيطرة علي عينيها التي ترسل اشارات الاعجاب له في كل كلمة يقولها او ايماءة تصدر منه .. استمرا لساعتين متواصلتين يتحدثان .. لم تشعر بالوقت .. كان هو من لفت انتباهها عندما نظر الي ساعة يده ومط شفتيه وهو يبتسم لها
_ باباكي هيموتني .. انا قولتله هاقعد معاكي نص ساعة بس
ابتسمت وهي تنظر له
_ تعرف اني بيعجبني اوي الراجل اللي بيلبس ساعة
_ عارف
_ بس دي بقي مش كتباها علي صفحتي
ابتسم لها بحب وهو يمد يده ليلمس يدها
_ مش كل اللي اعرفه عنك عرفته من صفحتك
ثبت نظرة عينيه علي عينيها وهو يكمل
_ في حاجات حستها بقلبي
اتهارت كل مقاومتها واسلمت عينيها الي ملامح وجهه تتأملها بحب .. لم تستطيع المكابرة عندما اخبرها انه يريد ان يتقدم لخطبتها فقد كانت في تلك الجلسة التي لم تستغرق وقتا طويلا قد تأكدت انها تبادله نفس الشعور ..
في منزل مصطفي جلس مصطفي والى جانبه زوجته وفاء وشهد بعد ان اخبرهما برغبة ادهم في الارتباط بشيرين .. نظرت له وفاء متسائلة وهي لا تخفي سعادتها
_ بس انت تعرف ادهم ده كويس ؟
_ اكيد اعرفه كويس .. اومال هوافق علي جوازه من بنتي من غير ما اعمل عنه تحريات تثبتلي انه يستاهلها ؟ .. انا روحت شركته وكمان عزمني في بيته وشوفت اهله .. ناس طيبين وهو من عيلة كويسه
ابتسمت شهد بسعادة
_ عشان كده شيرين اتأخرت النهاردة ؟
اومئ مصطفي برأسه
قد يعجبك ايضا
متابعة القراءة