سنة أولى

سنة أولى
سنة أولى
كانت ليلة شديدة المطر أجواءها مرعبة .. منزل فى الظلام فى منطقة هادئة تبعث على الرعب اكثر مع صوت الرعد وشرارات البرق فى السماء … داخل المنزل كانت تنام فتاة شابة فى غرفتها المظلمة وحدها .. يتسلل ملثم يرتدى ملابس سوداء الى غرفتها ويضع الوسادة على وجهها ليكتم أنفاسها .. حاولت الفتاة أن تحرك يديها الضعيفتين لتبعد عنها ذلك الوحش الأدمى الذى يحاول قتلها ولكن كان ذلك الملثم أقوى منها .. ولكن فجأة قبل لحظات فقط من توقف أنفاسها للابد يدخل رجلا مشهرا سلاحه وينقذها ويقتل الملثم ويمد يده ببطئ ليرفع القناع عن وجه القاتل ..ولكن فجأة تتوقف اللقطة  .. كان كل هذا جزء من مسلسلى الاول  يعرض داخل لوكيشن لبرنامج تلفزيونى شهير .. كان مسلسلى قد حقق نجاحا كبيرا عند عرضه واصبح مع عرض اولي حلقاته ( تريند ) لعشاق المسلسلات البوليسية فى الفترة الاخيرة .. كانت مقدمة البرنامج تجلس امامى منبهرة اننى رغم عمرى الذى لم يتجاوز الخامسة والعشرين وملامحى شديدة البراءة الا اننى استطعت كتابة اسم فيروز العربي وسط اسماء كتاب السيناريو المعروفين .. كنت قبل ذلك اكتب بعض القصص القصيرة فقط والتى حققت فيها نجاحا كبيرا ايضا فى بعض سلاسل القصص الخاصة بالجريمة والتى تم التعاقد معي لتحويلها الى مسلسل تلفزيوني ناجح .. عدت  الى منزلي الذى اعيش فيه مع والدي اللواء هاشم العربى الذى خرج حديثا من الخدمة بعد ان تجاوز الستين من عمره .. كان والدي سعيد بنجاحي ولم يكن يفوت حلقة واحدة من مسلسلي .. بل انه كان يتابع كل حلقة من المسلسل أكثر من مرة فى اليوم .. كنت انا كل ما لديه
بعد ان ماتت امي وأنا فى الخامسة من عمرى وتولى هو تربيتى رافضا الزواج مرة أخرى .. جلسنا أنا وهو نتناول عشاءنا الذى أعده بنفسه .. كنت أحكى له بسعادة عما حدث معي منذ ان دخلت الاستوديو لتسجيل الحلقة وكيف ذكرت  لمقدمة البرنامج ان ارتباطى بعالم الجريمة كان بسببه هو .. اشعرته جملتى تلك بالانتشاء .. وقبل ان نتم عشاءنا تلقيت مكالمة من هناء لاشين منتجة مسلسلى تطلب مقابلتي فى اليوم التالى لتتعاقد معي على مسلسل أخر .. جلست سعيدة بعد المكالمة وأنا أفكر فى مسلسلى القادم جعل هذا والدى ينظر لى مبتسما بسعادة _ انا فرحان أوى بالنجاح بتاعك يا فيروز .. ومتوقع لسه انك هتعملى اعمال كتير حلوة ردت فيروز بسعادة _ انا كمان فرحانة أوى .. انت عارف منتجة المسلسل عاوزه تمضى معايا أكتر من عمل وبتقوللى انها متوقعة ان المسلسل الجاى ينجح ويبقى تريند زى المسلسل الاولانى ابتسم ابتسامة يشوبها بعض القلق _ بس تفتكرى هتعرفى توازنى بين شغلك وبين حياتك الجديدة ؟ نظرت له مبتسمة بثقة اننى أستطيع ذلك .. كنت بعد عرض أولى حلقات مسلسلى مباشرة قد تقابلت مع ماجد إمام طبيب الأسنان الذى اتفقت انا وهو على الزواج بعد أيام قليلة .. كان لقاءنا قد تم بصدفة غريبة .. عندما تلقيت مكالمة من سارة صديقتى ان ابن خالها لديه كلبين للتبنى بسبب إنشغاله فى عيادته الجديدة ولا يجد وقتا كافيا لرعايتهما ولكن لأن سارة كانت تستعد للسفر الى كينيا بسبب عملها فلم تجد من تستأمنه وتثق فيه اكثر منى .. لم أكن أحب الكلاب ولكن بعد الحاح من سارة وافقت وأخذت الكلبين اللذان ظهر انهما اضخم كثيرا مما تصورت ..
كانت معاناتى كبيرة وأنا أتحرك بهما داخل سيارتى وهما يحجبان عنى رؤية الطريق حتى كدت ان أرتكب أكثر من حادث حتى وصلت بصعوبة الى المنزل .. يومين فقط قضيتهما مع الكلبين فى المنزل وبعدها قررت التخلى عنهم وبيعهم لأحد محال الحيوانات الأليفة .. هذا اذا كان ينطبق على هذان الكلبين وصف الحيوانات الأليفة حقا ..ابدى والدى استغرابه من قرارى المفاجئ _ بس انتى كنتى قررتى تتبنيهم رددت بحسم _ التبنى أصلا حرام كنت مستعدة أن أفعل أى شئ لأتخلى عن هذين التنينين فقد كانا أضخم من أن نعتبرهما كلبين فقط .. وبالفعل نفذت خطتى واستبدلتهما بمجموعة من العصافير الملونة الجميلة .. عصافير رقيقة لا تنبج ولا تهاجمك كلما دخلت لتضع لها الطعام .. كانت الخطة تسير بمنتهى النجاح حتى قرر ماجد فجأة زيارتي فى منزلي ليشكرنى ويرى كلبيه الحبيبين كما اخبرتنى سارة فى مكالمة سريعة لم تشرح لى فيها أكثر من ذلك .. تلقيت فى البداية مكالمة من ماجد حاولت فيها ان اطمئنه على كلبيه ولكنني اصبته بالدهشة فلم يفهم كيف ان كلبيه بدئا يتألفا على حد تعبيري رغم انهما ذكرين .. لذلك قرر ان يأتى بالفعل لزيارتى ومعه اطواق للكلاب وبعض الشيكولاته والورود  .. كان لقاءنا الاول صعبا للغاية حاولت فيه ان أقنعه ان كلبيه متواجدين بالمنزل فقمت بتشغيل أصوات للكلاب على ( اليوتيوب ) ولكن كذبتى لم تكتمل بعد أن انتهى الفيديو الذى قمت بتشغيله وتحول الأمر الى اصوات قطط وزئير اسد واغنية ( بنت الجيران ) .. إنصرف بعدها ماجد غاضبا ..وبعدها حاولت لعدة أيام الاعتذار له .. تقابلنا عدة مرات جعلته فيهما ينسى كلبيه الحبيبين ونسيت أنا كذلك  قرارى الا أتزوج فى تلك الفترة .. نفس التعليق الذى قاله لى والدى ذكرته لى هناء منتجة مسلسلى ولكنى كنت متأكدة ان زواجى سيكون مختلفا وان ماجد سيكون مساندا لى وان انتاجي الفنى سوف يتزايد بعد الزواج وبعد مرور شهرين من الزواج ,,, كنت اجلس فى غرفة مكتبي فى منزلي الجديد احاول ان استدعى بنات أفكاري للبدء فى المسلسل الذى تعاقدت عليه قبل زواجي ولكن كان يبدو لي ان بنات افكاري اما اصابهم مرض ما جعلهم يتوقفن عن المجئ لي  واما تزوجن هن أيضا مثلي .. جلست مع ماجد حول مائدة الافطار واجمة احاول الخروج من حالة التوقف الابداعي التى اصابتني .. لاحظ ماجد صمتي فابتسم لي _ ايه ؟ لسه مش عارفة تكتبى ؟ _ مش عارفة ايه اللى حصلى .. عقلى كأنه بقى صفحة بيضا .. مش عارفة أفكر ولا أبتكر أى حاجة جديدة _ طب مقولتليش ايه رأيك فى البيض الأومليت اللى عملتهولك ده ؟ _ ماجد انا بأكلمك فى حاجة مهمة _ طب وهو البيض الاومليت مش مهم ؟ _ لا مهم .. بس الكتابة أهم _ متقلقيش .. اللى بيحصلك ده بيحصل لناس كتير .. انا نفسى مرات بتحصلى _ ازاى ؟ يعنى بتيجى تحشى لواحد ضرسه بتخلعهوله ؟ ضحك وهو ينظر لى _ لا ده انتى تبطلى تكتبى ساسبينس بقى وجربى تكتبى كوميدى كان هذا حديثا مكررا لي تعودت عليه من بداية زواجي .. اتكلم عن فكرة رواية فتوحى له بالحديث عن أهمية ان نضيف الجبن القريش الى مائدة افطارنا .. احدثه عن حبكة فيلم شاهدته فيذكره ذلك بفواتير الكهرباء والغاز التى لم يقم بدفعها حتى الان .. اتحدث معه عن عيوب بعض الكادرات فى مسلسل اشاهده معه فيتكلم معي عن روعة المحشى الذى كانت تعده والدته له وانني لابد ان اتعلم طريقة المحشى منها .. كنت فى بعض الاحيان اظن انه مازال ينتقم لما فعلته بكلبيه الحبيبين قبل زواجنا .. ذهبت الى النادى لأمارس رياضة الجرى مع صديقتي شيرين .. كانت شيرين رغم انها حادة مع الجميع بسبب عملها كمدرسة العاب فى مدرسة اعدادية الا انها كانت صديقتى المقربة .. كنت أشكو لها ما يحدث معى من تجاهل ماجد لتوقفى عن الكتابة وكانت هى متعاطفة معى وناقمة على ماجد بشدة .. ولكنى لم استطع استكمال حديثى معها توقفت
تم نسخ الرابط