طعنة في الظل
اتسعت عيناها بذهول، وارتجف صوتها وهي تقول بذعر:
-انا ماعرفش إن مالك رجع من المدرسة اصلا…
قاطعها الضابط قائلاً بحزم:
-هو قال إنه ضحك عليكي وماراحش واستخبي تحت السرير ومكنش حد يعرف إنه موجود أصلاً، بس ابنك شاهد ضدك.
ارتجفت شفتيها، ثم انفجرت باكية بانهيار:
-يعني مالك قال إنه شافني وأنا بضرب ابوه في رقبته؟
هز الضابط رأسه نافيًا، وقال بصوت رزين:
-لا هو قال لما شافك ماسكة المطوة وابوه بيحاول يضربك، خاف ورجع استخبي تحت السرير وحط ايده على ودانه ومن الخوف نام.
استندت نهلة بظهرها إلى الكرسي، تبكي قهرًا على مصيرها واختيارها الخاطئ لزوجها، الذي حول حياتها وحياة أطفالها إلى جحيم، تمتمت بألم:
-هو مالك كده كل ما ابوه يضربني ولا يضرب حد من اخواته يا حبة عيني يروح في النوم من الخوف.
تنحنح الضابط بصوت خشن، ثم قال بجدية:
-أنا عايز أساعدك ومن مصلحتك تقولي اللي حصل بالظبط.
هزت رأسها بيأس، وأجابت بصوت متحشرج:
-والله ما قتلته، اسالو ولاء صاحبتي أنا كنت عندها يا بيه وحكتلها اللي حصل؟
أشار الضابط للعسكري بأخذها، ثم أمر بإحضار ولاء، جاءت الأخيرة وأكدت كلام نهلة، مشيرة إلى أن صديقتها امرأة ضعيفة وهشة، لا تجرؤ على قتل أحد، وبعد انتهاء شهادتها، أمر الضابط بخروجها واستدعى فيفي، التي دخلت مرتجفة، وعلامات الخوف تملأ وجهها.
بمجرد أن واجهها الضابط برواية نهلة، انهارت واعترفت بأنها خططت مع طلال لاستغلال نهلة، إلا أن الضابط شعر بأنها تخفي شيئًا، أمر بتفريغ هاتفها، وقرر القبض عليها، فقد كانت متوترة وغير متزنة، وكأنها شاهدت طلال قبل مقتله.
بعد لحظات…
دخل تقرير مبدئي من مصلحة الطب الشرعي، يفيد بوجود خصلات شعر بنية، تعود إلى نهلة، بين أصابع القتيل، بالإضافة إلى خصلات سوداء أخرى، مجهولة المصدر، كما أكد
أمعن الضابط التفكير؛ فمن الواضح أن القاتل يستخدم يده اليسرى، وهو ما لاحظه في كل من نهلة وفيفي، لكنه لم يكن مقتنعًا بأن إحداهما هي الجانية، ومع ذلك، فإن الخصلات السوداء ربما تعود إلى فيفي، خاصة أنها كانت ترتدي الحجاب، وخصلاتها السوداء كانت تبرز منه، قرر الضابط انتظار تفريغ هاتف القتيل وهاتفها، فقد يكون فيهما ما يقود إلى الحقيقة.
وبعدما تم تفريغ الهاتفين…
كما توقع الضابط، احتوى هاتف القتيل على رسائل تهديد مرسلة من رقم مجهول، تحمل وعيدًا بإنهاء حياته، لكن القتيل كان مدمنًا للمخدرات، وله تعاملات مشبوهة في القروض، مما جعل من الممكن أن يكون أحد دائنيه هو صاحب التهديدات.
أما هاتف فيفي، فكشف مفاجأة أخرى؛ إذ تبين أنها أجرت اتصالًا بالقتيل قبل مقتله بساعة، والأكثر إثارة للريبة، أن الرقم الذي أرسل التهديدات إلى طلال، هو نفسه الذي تواصل معها.
وعندما واجهها الضابط بالأمر، اعترفت بأنها صعدت إلى شقة طلال بعد مغادرة نهلة، فقد كانت تزوره دائمًا في غياب زوجته، وعندما أخبرها القتيل بأن نهلة اكتشفت علاقتهما، دب الشجار بينهما، فوبخته وأهانته بشدة، لكنه فقد أعصابه وحاول الاعتداء عليها، فدفعته وغادرت المكان غاضبة.
لكن الضابط لم يكن مقتنعًا بكامل روايتها، فقالت ببكاء:
-يا بيه أنا أصلاً كنت مراته قبل نهلة بس الله يجحمه مطرح ما راح ضحك عليا وخد كل فلوسي مخلاش حيلتي حاجة، وبعدها عرفت أنه اتجوز نهلة عشان يتيمة وعندها شقة، فحبيت انتقم منه يا بيه واخليه يدمن المخدارات وياخد الشقة من نهلة وبعدها اضحك عليه واخدها واموته بحسرته، بس يومها اتخانقت معاه لما عرفت ان نهلة كشفتنا، وشتمته واهانته جامد، وهو حاول يضربني وشد شعري بس زقيته ونزلت…
سألها بنبرة صارمة:
-ومين عباس يا فيفي؟
أخذت شهقة مرتعبة، ثم انفجرت بالبكاء، مجددًا، وقالت بصوت متقطع:
-صاحب عباس الروح بالروح بس هو كمان مش بيطيقه عشان عباس حاول لامؤاخذة يلف على مراته ومرات عباس ضعفت معاه، فعباس من وقتها عايز ينتقم منه.
تأملها الضابط بعمق، ثم أخرج صورة لرجل طويل، عريض المنكبين، يقف أسفل البناية ويدخن سيجارة، وسألها:
-الكاميرات جايبة واحد كان واقف تحت البيت وانتي طالعة، هو ده عباس؟!
ارتجفت يداها، ثم أومأت برأسها قائلة بصوت خافت:
-اه هو يا بيه، بس يمين الله ما كلمته أنا مشيت على طول.
على الفور، أمر الضابط بإحضار عباس، وبعد محاولات عدة من الهروب، تمكنت الشرطة من القبض عليه، قاوم الاعتراف في البداية، لكن مع استمرار الضغط عليه، انهار أخيرًا، واعترف بجريمته.
-اه، أنا اللي قتلت طلال!
أقر عباس بأنه تسلل إلى الشقة بعد خروج فيفي، ثم باغت طلال وطعنه من الجهة اليسرى، فهو أعسر اليد، ويعلم جيدًا مواضع القتل القاتلة، كونه عمل سابقًا ممرضًا، كما أنه كان حريصًا على مسح بصماته من على المطواة، وتركها في مكانها ليبدو الأمر كأنه شجار منزلي انتهى بجريمة قتل.
واختتم حديثه بابتسامة خبيثة، قائلاً:
-لازم كنت اقتله بعد اللي عمله معايا يا بيه، أنا دلوقتي مرتاح.
أسدل الستار على مأساة نهلة، لكن جراحها لن تندمل بسهولة، فقد تحررت نهلة من قيد الظلم الذي أحكمه زوجها حول عنقها لسنوات، ورغم أن الجرح عميق، إلا أن الحياة منحتها فرصة للبدء من جديد مع أولادها.
اتسعت عيناها بذهول، وارتجف صوتها وهي تقول بذعر: -انا ماعرفش إن مالك رجع من المدرسة اصلا… قاطعها الضابط قائلاً بحزم: -هو قال إنه ضحك عليكي وماراحش واستخبي تحت السرير ومكنش حد يعرف إنه موجود أصلاً، بس ابنك شاهد ضدك. ارتجفت شفتيها، ثم انفجرت باكية بانهيار: -يعني مالك قال إنه شافني وأنا بضرب ابوه في رقبته؟ هز الضابط رأسه نافيًا، وقال بصوت رزين: -لا هو قال لما شافك ماسكة المطوة وابوه بيحاول يضربك، خاف ورجع استخبي تحت السرير وحط ايده على ودانه ومن الخوف نام. استندت نهلة بظهرها إلى الكرسي، تبكي قهرًا على مصيرها واختيارها الخاطئ لزوجها، الذي حول حياتها وحياة أطفالها إلى جحيم، تمتمت بألم: -هو مالك كده كل ما ابوه يضربني ولا يضرب حد من اخواته يا حبة عيني يروح في النوم من الخوف. تنحنح الضابط بصوت خشن، ثم قال بجدية: -أنا عايز أساعدك ومن مصلحتك تقولي اللي حصل بالظبط. هزت رأسها بيأس، وأجابت بصوت متحشرج: -والله ما قتلته، اسالو ولاء صاحبتي أنا كنت عندها يا بيه وحكتلها اللي حصل؟ أشار الضابط للعسكري بأخذها، ثم أمر بإحضار ولاء، جاءت الأخيرة وأكدت كلام نهلة، مشيرة إلى أن صديقتها امرأة ضعيفة وهشة، لا تجرؤ على قتل أحد، وبعد انتهاء شهادتها، أمر الضابط بخروجها واستدعى فيفي، التي دخلت مرتجفة، وعلامات الخوف تملأ وجهها. بمجرد أن واجهها الضابط برواية نهلة، انهارت واعترفت بأنها خططت مع طلال لاستغلال نهلة، إلا أن الضابط شعر بأنها تخفي شيئًا، أمر بتفريغ هاتفها، وقرر القبض عليها، فقد كانت متوترة وغير متزنة، وكأنها شاهدت طلال قبل مقتله. بعد لحظات… دخل تقرير مبدئي من مصلحة الطب الشرعي، يفيد بوجود خصلات شعر بنية، تعود إلى نهلة، بين أصابع القتيل، بالإضافة إلى خصلات سوداء أخرى، مجهولة المصدر، كما أكد
