جادير ( مستوحاة من احداث حقيقية )

المحتويات
_ بقولك بشوفه .. حتى اوقات بيفضل يمشى على السقف عندي فى الاوضة.. قبل مدة كنت بشوف حاجات غريبة .. كنت الاقي ماما بتكلمني من على باب الاوضة بتاعتي أخرج افتح ملاقيهاش موجودة .. انادي عليها الاقيها خارجة من المطبخ بتبتسملي .. أقولها مش كنتِ بتكلميني دلوقت ..تقولي انا في المطبخ بقالي ساعة
ردت اميرة عليها بثقة
_ عادي بتحصل كتير يامريم ..يمكن حد من الجيران كان صوته عالي وافتكرتيه مامتك
_ انا مبقولكيش يا اميرة ان دي مرة واحدة ده بيحصل كتير.. طب تقولى ايه لما اشوف امي خارجة من اوضتها ودخلت الحمام قدام عيني .. و في لحظتها اشوف امي خارجة من اوضتها تاني وجاية بتكلمني .. مع انها لسة مخرجتش من الحمام
نظرت اميرة الى مريم بشيء من الخوف.. ليس مما قالته الاخيرة ولكن الخوف كان على صديقتها المقربة ..من انها قد تكون مريضة بمرض نفسي يصور لها أنها ترى أشياء خارقة للطبيعة فشعرت بالاسى لحال صديقتها التى كانت لا يفارق وجهها الابتسامة والضحك.. فهىي لا تشعر ان هذه هى صديقتها التى عرفتها منذ سنوات ليست بالقليلة.. منذ أول دراستهما بالجامعة الى انتهائها.. فهم زملاء وأصدقاء مقربون فى الحياة يكادا أن يكونا لبعضهما مثل تؤامتان لا يفترقان
ورغم خوف اميرة على صديقتها ظلت تتناقش معها معتقدة انها يمكن ان تغير وجهة نظرها عن ما تقوله
_ طب يا مريم قوليلى مش يمكن انك تكونى بتتخيلى او مثلا بتحلمى
_ يعنى بحلم وأنا صاحية ده.. كل حاجة بقت ملخبطة اشيل حاجة في مكان وابقى عارفة هي فين ارجع الاقيها اتنقلت في حته تانية..واللى زاد عليهم كمان اللى بيظهرلي و بيكلمنى زى ماأنا وإنتى بنتكلم دلوقت
_طب
هو شكله ايه؟
_ أوقات بيظهرلى على هيئة راجل وأوقات بيبقى عباره عن خيال على الحيطة
_ طيب ما حاولتيش تقوليلو انت عايز ايه ؟
_ ما أنا قولتلك بيقول أنه عايز يتجوزنى
حاولت اميرة ان تهدئ من خوف صديقتها بمزحة
_ طب هو لو شكله حلو قليلو إنك هتخدى وقتك وتفكرى..ما عندوش واحد صاحبه يعرفه إبن عفاريت طيبين
_ انتى بتهزرى يا اميرة .. طب بأقولك ايه باتى معايا النهاردة علشان خاطري .. خصوصا ان ماما مش هتكون موجودة علشان عمتي بتعمل عملية ولازم تكون مرافقة ليها اصلها ست عجوزة ومعندهاش اولاد .. وأنا بصراحة خايفة اكون لوحدى
وبعد لحظات من التفكير قررت اميرة ان تهاتف والدها لكى تطمئن على إنه اخذ دوائه فى وقته المحدد ..وتاخذ الاذن منه فى قضاء الليلة مع صديقتها لكى لا تشعر بالخوف
وائتنست مريم بصديقتها اميرة وظلا يشاهدن التلفاز وهما يتسامران .. وتناست مريم ما لديها من خوف..الى ان جاء الليل وجاء أيضا وقت النوم فأرتد اليها خوفها .. فكلما تدخل غرفتها الى النوم ياتى اليها هذا الجن ليتحدث معها .. فقررت ان تنام هى واميرة فى حجرة والدتها
كانت مريم قد تعودت على ابقاء نور الغرفة مضاء وهذا لخوفها.. ولكن هذا لم يروق الى اميرة لأنها لاتقدر على النعاس فى الضوء وبعد مناقشة ومجادلة استسلمت اميرة لرغبة صديقتها لكى لا تراها خائفة.. وأخذهم النوم فى ثبات عميق ولكن لا الضوء ولا تغير مكان نومها يمنع الجن من التواجد حتى فى غرفة والدتها أو اى مكان أخر يمكن أن تذهب اليه فهو جن عاشق…
واحست مريم بشيء يمسك يديها ففزعت وعندما فتحت عينيها وجدت هذا الجان يقف امامها ولكن ليس بهيئته التى تعودت عليها وجدته رجل عجوز غاضب عينيه تشبه عينان قطة لونهما
احمر نارى مخيف ووجهه يكسوه الشعر مثل القطط تماما وارجله عباره عن ارجل ماعز.فصرخت وظلت تحرك فى اميرة التى أستغرقت فى النوم ولم تجبها وكأنها ملقى عليها بتعويذة سحرية .. فأشار لها الجنى ان تتبعه خارج الغرفة فنهضت وتبعته وهى لاتدرى كيف هل هو سلبها القدرة على التحكم فى حركتها ام هى التى تتبعه بإرادتها ولكن اى ارادة هذه وهى التى تركت حجرتها وذهبت لتنام في حجرة والدتها لكى لا تراه مثل كل ليلة .. وظلت تتساءل داخلها لماذا اتبعه؟ .ولكنها تبعته حتى دخل بها غرفتها وهنا توقفت ناظرة فى دهشة لقد غير هيئته الى هيئة الرجل التى تعودت أن تراه بها واغلق الجنى باب غرفتها ووقف ينظر اليها وهو غاضب وقال لها
_ ليه ما نمتيش فى مكانك انتى فاكرة ان ممكن تهربى منى.. انتى ملكى ولو كنتى فى اخر الدنيا اعرفى انى فى دمك مش هتقدرى تبعدى مهما حاولتى
أحست مريم ان الغرفة كلها تنهار مع ذبذبات صوته الغاضبة وكادت ان تفقد وعيها لولا اختفائه من امامها للحظة فأستجمعت شجاعتها عندما لم تجده وتوجهت لباب الغرفة لكي تفتحه وتخرج وفوجئت ان الباب لايفتح معها .. ورأت الجنى امامها على سقف الغرفة وظل يلتف كالأفعي ويصدر صوت ضحك مخيف جدا.. وقفت مريم تنظر الى ما يحدث فى ذهول لا تقوى على الحركه الى ان توقف واختفى ثانية.. فعادت تحاول فتح باب الغرفة مجددا ولكنه عاد امامها ووضع يده بقوة على كتفها والغضب يملاء وجهه وعينيه الناريتين تتوجه الي عينيها بنظرات غاضبة.. كادت مريم ان تشعر بأن جسدها يحترق من لمسته ونظراته لها .. فلم تتمكن من السيطرة على نفسها فغابت عن الوعى وسقطت على الارض فى مكانها.
فزعت اميرة من صراخ مريم وهى نائمة بجوارها.. فنهضت مسرعة تحاول إيقاظ صديقاتها وأحست انها ربما تكون غارقة فى كابوس ما أو مغشى عليها فوجهها يبدو عليه الخوف ومتعرق بغزارة فأسرعت الى الثلاجة واخذت منها قارورة مياه مثلجة وألقت بماء بسيط منها على وجه مريم فافاقت.. وكانت من شدة الخوف تروى الى صديقتها ما حدث معها وكانت اسنانها تطقطق من الرعشة والرعب .. وتتسأل عن كيف جائت ثانية الى غرفة والدتها بجوار اميرة؟
فبررت اميرة لها الامر بأنه مجرد كابوس .. لأنها نائمة وهى خائفة ان يظهر لها ذلك الجنى الذى لا وجود له غير فى عقلها هى فقط
فأستسلمت مريم لوجهة نظر صديقتها عن الكابوس الذى راودها فقط .. ولكنها لم تقتنع بان الجنى الذى تراه كل يوم فى غرفتها هو من صنع خيالها او انه لا مكان له غير ان يكون فى عقلها .. انها تعرف ان ما تراه هو حقيقة وليس خيال ولكن ما تقوله اميرة عن الكابوس هو افضل لها لأنها لا تحتمل ان يكون هذا ايضا حقيقى.
بعد ان اجرت اميرة اتصال بوالدها لتطمئن انه بخير وانه اخذ دوائه بعد الافطار .. أقترحت أن تقوم هى بتحضير الفطور وان تذهب مريم لتأخذ حمام دافئ يهدئ من أعصابها بسبب ما رأته فى منامها ليلة امس.. وافقت مريم على إقتراح صديقتها ودخلت الى الحمام وقامت بخلع ملابسها ونظرت فى المرآة امامها وهى تتسائل هل هى اشرفت على الجنون ؟ ام ماذا؟ ما الذى يحدث معها؟. وفجأة انتابها الرعب والفزع عندما لاحظت وهى تنظر فى المرآة أن كتفها به علامة على شكل يد بأصابع مرسومة عليه.. فأخذت ملابسها التى كانت قد خلعتها لتوها وأرتدتها ثانيةبسرعة كبيرة وأسرعت الى المطبخ حيث تحضر اميرة فطورهم وجلست على اقرب مقعد وجددته امامها وهى تصيح بفزع
_ ما كانش كابوس- ماكانش كابوس
تركت اميرة ما فى يدها وما كانت تفعله وجذبت الكرسى المجاور لها وجلست عليه بجوار مريم وهى تحاول تهدئتها
_ فى ايه بس هو حصل حاجة تانية
نهضت مريم وكشفت كتفها وهى تذكر صديقتها بما حدث لها عندما وضع الجنى يده عليها .
وقفت اميرة تنظر الى العلامات فى كتف صديقتها وهى تكاد ان تصدق ما ترويه مريم ولكنها حاولت ان تبرر هذه الاشياء الغريبة بالمنطق العلمى بأنها يمكن ان تكون كدمات يظهر لونها على كتفها.
أستسلمت مريم لوجهة نظر صديقتها لكى لا تظل حبيسة لهذا الكابوس المزعج .. وبعد أن شعرت اميرة بهدوء مريم تدريجيا توجهت لتكمل ما كانت تفعله لتحضير الفطور.. وضعت الاطباق على منضدة المطبخ التى تجلس بجوارها مريم وجذبت مقعد لكى تجلس عليه .. ولاحظت ان صديقتها شاردة وكأنها تواجدت فى مكان آخر وليس بجوارها فظلت صامته وهى تتأملها وتفكر عن ان هذه ليست مريم التى طالما كانت لا يفارقها المرح والروايات الساخرة التى كانت ترويها لها حتى عن ذاتها.. فمن قبل كان كل حدث تمر به كانت تعتبره شيء طبيعى لمتاعب الحياة .. وما كانت يوم تهتم بما سيحدث فى الغد فوجهة نظرها دائما .. انها تريد ان تحيا اليوم والغد ليس بيدها شيء له.. هذه كانت مريم ولكن اليوم ما الذى حدث معها هل يعقل ان ما ترويه لها حقيقى وكيف يمكن ان تتحمل كل هذا .واحثت فجأة اميرة بالذنب إن كان ما يحدث حقيقة فكيف لها ان تترك صديقتها تتالم ولا تأخذ ماساتها على محمل الجد
ومن وقتها مع مرور الوقت سائت حالة مريم فظلت تصرخ وتبكى وتفقد وعيها .. وكل هذا ولم تخبر والدتها بما يحدث معها خوفا من ان تظن ان ذلك بسبب تأثير ضغط فترة الامتحانات التي كانت من قبل مدة ليست ببعيدة
فقررت اميرة ان تذهب بصديقتها الى طبيب نفسى لكى يقدر على مساعتدها على تجاوز هذه الحالة النفسية لمريم من وجهة نظرها
_ مريم انا اعرف دكتور نفسي، ممكن نزوره ونستشيره في اللي بيحصلك ده.
_ يعني انتي بقيتي شيفاني مجنونة يااميرة
_ هو ليه كل محد يسمع حد يقول دكتور نفسي يعتبرها اهانة .. وإن بيتقاله إنت مجنون. . ياحبيبتي النفس البشرية لغز كبير أوي و علشان نفهمه لازم نروح للناس إلي دارسة وعارفة إزاي تدخل جوانا وتخرجلنا كل حاجة مش قادرين نوصلها جوه روحنا.
_ دا إيه الكلام الكبير دا يا اميرة من إمتى يعني.
_ ياسلام أنا طول عمري كده ولا نسيتي وقت ما بابا تعب وأنا كنت بحاول اخرجه من أوهامه إلى سيطرت عليه ، بذمتك مش كان ليا دور كبير إنه يخف.
_ لا يا اميرة مش انتي إللي عالجتيه ده الدكتور النفسي إللي راحله .. بقى تعب الراجل كده عايزه تاخديه على الجاهز.
لمعت عيناى اميرة وضحكت بصوت يدل على الإنتصار
_ أهو قولتيها بنفسك مين إللي عالج بابا وخرجه من أزمته ..ها ..مش الدكتور برضو.
نظرت إليها مريم وقد ادركت مغزى كلام اميرة في إنها أوقعت بها لتثبت وجهة نظرها بالنسبة للطبيب النفسي.
_ انت لئيمه أوي يا اميرة.
نظرت لها في ثقة المنتصر في المعركة.
_ لسه مكتشفة دا النهاردة .. المهم يلا نكلم عيادة الدكتور ناخد معاد حجز عنده.
نظرت لها مريم متسائلة.
_ هو مين الدكتور ده ..أنا عايزه دكتور شاطر
_ طبعاً دكتور شاطر مهو ده اللي عالج بابا .. هو انا بقول من الصبح.
سرحت مريم للحظه محاولة تذكر شيء ونظرت إلي وجه اميرة
_ اه .. تقصدي دكتور يوسف .. الدكتور الشاب اللطيف إللي حكيتلي عليه
إرتكبت اميرة وأحمرت وجنتيها.
_ وإيه يعني …مهو دكتور شاطر ..إيه المشكلة يعني.
قالتها وتركت مقعدها وأسرعت متوجهة إلى المطبخ في إرتباك واضح.
_ تشربي هوت شوكلت معايا.
_ ماشي …بس إتصلي بالعيادة الأول وحددي معاد ليكي .. اه .. قصدي ليا
قالتها وهي تضحك ضحكة مصطنعة لتغيظ اميرة .. ولكن الأخيرة كانت مسرورة لأنها أخرجت صديقتها لو بشكل مؤقت من حالة الرعب والإكتئاب التي سيطرت عليها الفترة الماضية وبالفعل تواصلت مع عيادة الطبيب لحجز أقرب موعد ، وقد صادف ذلك ان لدى الطبيب ميعاد سابق قد ألغى اليوم.. وتواصلت المساعدة في العيادة مع اميرة واخبرتها بإمكانية الزيارة الليلة .. وكانت والدة مريم قد حضرت إلى منزلها.. فأتفقتا الفتاتان على أن لا يبلغا والدتها بذهابهما إلى الطبيب وأكتفتا بأن تطلب اميرة من والدة مريم ذهاب صديقتها معها للتسوق .. وكانت ام مريم ممتنة لاميرة لبقائها معها كل هذا الوقت فوافقت على الفور .. وفي حين دخلت مريم إلى غرفتها لتستعد للخروج .. أقتربت والدتها من اميرة تحدثها بصوت خافت خشية من أن تسمعها إبنتها.
_ انا قلقانه اوي على مريم مش عارفه مالها .. بقالها فترة متغيرة .. بقت عصبيه أوي .. وكل ما أقولها مالك مش بتجاوبني.. ولو ردت عليا في مرة بتكون شاردة ومش مركزة في إللي بتقوله ومابطلعش منها بحاجة.
تنهدت اميرة أسفة لحال صديقتها وحاولت طمأنة والدة مريم
_ ماتخافيش عليها ياطنط أحنا لسه مخلصين دراسة وتلاقي مريم قلقانة بسبب انتظار النتيجة.. وطبعاً أكيد بتفكر لبعد النتيجة .. هتشتغل في إيه و هتقدم في وظيفة إيه.
_ انا عارفه انها شايله الهم علشان تفرحني .. ماهي كانت دايماً بتقولي أنا عايزكي تتباهي بيا قصاد العيلة كلها وتقولي مريم بنتي بـ ١٠٠ ولد من ولادكم .. بس انا مش عايزها تضغط على نفسها كده .. إتكلمي معها يا اميرة أنا بعتبرك زي بنتي واخت لمريم.. وهعتمد على ربنا وعليكي في خروج مريم من حالتها دي.
و في ذلك الحين بعد ان انهت والدة مريم جملتها سمعت هي واميرة صوت مقبض الباب الخاص بغرفة مريم والأخيرة تحاول فتحه بدون جودي .. وبعد عدة محاولات طرقت الباب مستغيثه حاولتا الأم والصديقة فتح الباب بقوة ومريم تنادي عليهم في ذعر وفجأة سمعتا صوت ارتطام على الارض وأختفى صوتها ولكن صوت أمها واميرة بالصراخ إزداد .. وهنا فتح الباب لا تعلمان هل فتح وحده أم هما اللتان نجحتا في ذلك وكانت مريم ملقاة بجانب الباب فاقدة للوعي ولم تكن قد أكملت ملابسها بعد ووجهها الاصفر يوحي إنها على وشك الموت .. فجلست والدتها على الارض وهي تصرخ في إبنتها أملاً منها أن تستفيق.. وأخرجت اميرة في توتر كل محتويات حقيبة يدها وأمسكت بزجاجة العطر الخاصة بها تحاول رشها بحذر على انف مريم.. التي بدأت في فتح عينيها مع إحتضان أمها لها التي تردد
_ الحمد الله .. الحمد الله مريم سمعاني يابنتي.
فاومات برأسها إشارة على إنها تسمع أمها.. ومع أتضاح رؤيتها رأت اميرة تنظر لها في ترقب وخوف وأضح على ملامح وجهها .. فأرادت طمئنتها وخرج صوتها واهن ضعيف
_ أنا كويسة.
_ ايه اللي حصل مالك ينتي.
قالتها أمها وهي تحاول الأستفسار في قلق بالغ .. وعندها نظرت مريم إلى اميرة التي لازالت الصدمة ومعالم الخوف يسيطران عليها.
_ اميرة ساعديني اكمل لبسي أنا عايزه أخرج.
فأعادت أمها السؤال عليها وهنا ردت مريم بعصبية بالغة
_ مفيش حاجة ياماما .. أنا كنت عايزه أفتح الباب والمقبض كان عطلان فخفت تكونوا مش سامعني .. فندهت عليكم واتشنكلت ووقعت من السجادة و راسي اتخبطت في الباب وبس ياماما .. متخافيش كده.
فاحاولت الأم إظهار تصديق ماقالته الإبنه.. ولكن بداخلها غير مقتنعة وماحيلتها فهي تعرف عناد إبنتها .. عندما لا تريد الإفصاح عن شيء فلا يقدر أحد على إنتزاعه منها إلا أن تفرج هي عنه.
_ ماشي يامريم .. بس إزاي هتخرجي كده وأنتي تعبانه.
ردت مريم وهي تحاول إكمال ملابسها بمساعدة اميرة.
_ انا بقيت كويسة ياماما عايزه اخرج أغير جو .. خلي بالك على نفسك.
وبعد أن علقت حقيبة يدها في كتفها شرعت بالخروج تتبعها اميرة من خلفها.. ناظرة إلى الأم التي جلست صامته متأملة حال صغيرتها في قلق بالغ وهي تعبر باب المنزل إلى الخارج .. فأ شارت لها اميرة دون أن تلفت نظر صديقتها بأيمائة فحواها أن لا تخافي أنا معها سأعتني بها وهنا لعبت لغة العيون دورها في نظر الأم للصديقة قائلة.. إنني أثق بك .. وأغلقت اميرة الباب ورائها بعد أن خرجت خلف صديقتها التي كانت تقف أمام المصعد في إنتظارها .. ومزيج من القلق والرعب يتغلغل داخل قلبها ويجتاح ملامحها حتى بدت كالهرة .. أرادت اميرة تهدئتها بعد دخول المصعد فأخرجت لها لوح شوكلاته من حقيبة يدها بأبتسامة إغراء لمريم مثل الطفل الصغير الذي يسعد بالحلوى المحببة له .. ولكن لأول مرة ترفض صديقتها هذا العرض المغري الذي طالما احببته من قبل .. فتنهدت اميرة في حزن وأعادت الشوكلاته إلى حقيبتها مع خروجها من المصعد .. وأخذت يد صديقتها تلفها حول ذراعها بعد أن غادرا بوابه العمارة .. وعندما خرجت مريم عن صمتها تحدثت الى صديقتها بصوت مرتعش تحاول منع الدموع من أن تنساب على خدها لكى لا تلفت نظر المارة في طريقهم.
_ طلعلي تاني يا اميرة … ماشفتهوش بس حسيت بحاجة بتلمسني ولما حاولت افتح الباب بيحاول يدفعني بعيد عن الخروج .. ومع مقومتي مادرتش بنفسي إلا وإنتي وماما قدامي.
ضغطت اميرة يد صديقتها بحنان لكي تهدأ .. واقترحت عليها الذهاب إلى مكان تحتسيان فيه شيء يهدئها قبل الذهاب إلى موعد الطبيب .. وعلى الموعد كانتا متواجدتان بالعيادة في إنتظار وصول دكتور يوسف ومريم ترجو من صديقتها البقاء معها داخل غرفة الطبيب ولكن بما أن اميرة مرت مع والدها بهذا الأمر من قبل فهي تعرف إنه لا يسمح لأحد غير المريض بالتواجد أثناء جلسات الكشف والعلاج وبعد أن أستعد الطبيب لإستقبال المرضى فأخبرت مساعدته الفتاتان بإمكانية دخول مريم الأن .. غير أن الاخيرة كانت تنتفض من الخوف متشبثة في يد صديقتها كالطفل متشبثًا بوالدته لا يريد الذهاب لأحد سواها .. فأخبرت اميرة مساعدة الطبيب التي قد عرفتها عندما كانت تحضر بصحبة أبيها من قبل
– أنا عارفة إن ممنوع أدخل معاها .. بس ممكن أدخل أسلم على دكتور يوسف وأخرج بسرعة
قالتها بشكل طفولي جعل المساعدة تشير لهما بالإنتظار لإستأذان الطبيب وبعد خروجها أومأت لهمها بالموافقة
– إتفضلوا.
وعندما شرعًا بالدخول وجدا الطبيب الذي كان قد نهض من مقعده مرحبًا باميرة وصديقتها .. ودعاهما للجلوس على مقاعد الزوار أمام مكتبه وبدوره جلس هو أيضًا.. وبعد أن سأل اميرة عن أحوال والدها وأطمئن لمواظبته للعلاج .. وجه لمريم سؤال الأطباء المعتاد مع الإبتسامة المصطنعة التي توحي للمريض بالثقة لبدء حديثه وشكواه .. وشرعت اميرة بالحديث عن ماتشكو منه صديقتها .. مما جعل الطبيب يوقفها بشكل لطيف ممازحًا وهو يظهر لها إنه ينظر في ورقة الأسم للمريضة وتلك الإبتسامة لاتزال ترتسم على وجهه
– انسة اميرة .. عندي هنا مكتوب إن الأنسة مريم هي المريضة
ومنهك بصوت يريد الإيحاء بالمزحة لتجنب أن يشعر اميرة بالإحراج ولكن بالفعل لقد احمرت وجنتي اميرة وهي تنظر إلى صديقتها الجالسة أمامها في صمت تكتفي بالنظر لكل من يتناوب الكلمات سواء اميرة والطبيب فأستطرد الطبيب موجهًا الحديث لاميرة
– أنا عارف إنك قلقانة على صحبتك بس متخافيش .. ممكن أستأذنك علشان نبدأ؟
– أه طبعًا يادكتور بعتذر لحضرتك على إني طولت .. أنا هستناكي بره يامريم.
قالتها وخرجت من غرفة الطبيب وهي تشعر بحرج بالغ تجاه الموقف بالداخل فهل كان من الأفضل لها أن لم تكن قد تواجدت أمامه من الأساس .. ولكن كيف لها أن تترك صديقتها خائفة وكيف لم يشعر يوسف بأنها معجبة به ولكن كان عزائها أنه الأن يعمل .. كل تلك الأفكار المتلاحقة كانت تلاحق رأس اميرة وهي تقف في شرفة العيادة في إنتظار صديقتها فأحست بالملل .. وراحت تفكر في حال صديقتها ومالذي أصابها ..وهل كل هذا سيؤثر عليها فيما كانت دائمًا تحلم به من مستقبل بعد إنتهاء الدراسة .. و انتبهت للوقت فنظرت إلى هاتفها الذي أخرجته من حقيبتها تحاول معرفة الساعة الأن.. ودخلت إلى غرفة المكتب التي تجلس عليه مساعدة الطبيب وجلست على مقعد من مقاعد كثيرة كانت قبل قليل تجلس مع صديقتها فيها.. وسمعت صوت جرس إستدعاء الطبيب لمساعدته الممرضة التي تركت مقعد مكتبها ودخلت للطبيب على الفور.. وظلت بالداخل حوالي أكثر من خمسة عشر دقيقة.. ولكن ماذا حدث؟ .. هكذا تسائلت اميرة في عقلها فهذا لم تعتاد عليه من قبل عندما كانت تأتي مع والدها فمساعدة الطبيب تظل في مكتبها حتى يخرج المريض من الغرفة ولكن ما هو سر إستدعائه لها الأن وحاولت الطرق على الباب لإحساسها بالقلق على صديقتها ولكنها منعت يدها من فعل ذلك حتى لا تتعرض للإحراج مثل ماكان قبل قليل .. وبعد وقت من الذهاب والإياب في غرفة الإستقبال الفارغة من البشر .. فتح باب غرفة الطبيب وأشارت الممرضة لاميرة بالدخول .. فدخلت اميرة لتجد مريم مستلقية على ( الشازلونج ) غير وعيه لمن حولها مما اذهل اميرة ودفعها لتوجيه الإتهام إلى الطبيب
– إيه ده؟! .. أنت عملت فيها إيه؟!!.
قالتها وهي تحاول الإمساك بوجه صديقتها مره ويدها مرة أخرى لتطمئن حالها .. نظر الطبيب إلى اميرة نظرة معاتبه لاتهامه بإيذاء صديقتها وتحرك إلى مقعده في ثقة بالغة وهو يشير للصديقة بالجلوس أمامه
– أطمني يا أنسة اميرة .. أنا إدتلها حقنة مهدئة لأن أثناء الجلسة التشخيصية أظهرت نوبة هياج وبدأ صوتها وملامحها تتغير .. فأضطريت لتهدئتها.
هدأت اميرة كثيرًا من انفعالها بعد أن عرفت سبب فقدان صديقتها للوعي
– طب هي هتفضل على الحال ده قد إيه؟ .. وإيه اللي عندها بيعمل فيها كده؟!.
– أنا عايز أعرف منك حاجات عن شخصيتها وظروفها بحكم قربك منها وأنا أسف لو كنت قاطعتك قبل كدة في أول اللقاء .. بس أنا كنت عايزها هي اللي تكلمني عن إحساسها أو تفاصيلها ومتتأثرش بكلامك عنها.
أحست اميرة بخطئها عندما أتهمت الطبيب مرتين .. مرة بداخل تفكيرها وأتهامه بإحراجها .. ومرة بأتهامه إنه أذى صديقتها .. وهذا ايضًا ماجعلها تشعر بالحرج للمرة الثانية ولكن هذه المرة ليست كسابقتها .. وأنما بسبب لطفه وسمو أخلاقه .. فأرتسمت على وجهها إبتسامة متوترة
– لا .. أسف على إيه يادكتور .. أنا إللي اسفة ماكونتش فاهمة وإتصرفت عن جهل.
وبعد عدة أسئلة من الطبيب لاميرة عن ماتعرفه عن حياة صديقتها التي لا زالت نائمة تحت تأثير المهدئ وكان في نظر الطبيب عندما سألته اميرة عن سبب عدم إستيقاظ مريم .. أن الفترة السابقة كانت لا تنام بسبب توترها والرعب المستحوذ عليها ولكن المهدئ قلل من تأثير شعورها بالخوف فاستطاعة النوم في سكون كالطفل الوضيع الذي إطمئن بعد هد هدة أمه في حضنها الدافئ .. وعندها سألته اميرة عن تشخيصه لحالة صديقتها .. وكان الطبيب يمسك بدفتر ورقي قد دّون عليه إجابات اميرة عن اسئلته لها وكان يحدثها وهور نيظر به كأنه يحسب مسألة رقمية يحاول الخروج بناتج منطقي للمعادلة
قد يعجبك ايضا
متابعة القراءة