بير مسعود

بير مسعود
بير مسعود
في منطقة كرموز بالاسكندرية .. تظهر بعض البيوت الموجودة فى تلك المنطقة الشعبية  .. منازلها المتلاصقة تعلوها اطباق الستالايت في تناقض واضح بين هذا المزيج من الماضي المهمل والحاضر المنقوص  .. فى احد الشوارع الضيقة كان الشارع يستعد لزفاف احدي فتياته .. جلس المنجد يضرب بقوسه علي القطن مع صوت ( الطبلة ) التي تقرع عليها بعض النساء مع بعض اغاني العرس الشعبية تقودهم والدة العروس ام حسين والتي كانت تقطع الغناء كل مقطع لتطلق زغرودة مجلجلة .. بعض الفتيات يرقصن من بينهم مروة التي كانت تمتلك محل ( كوافير ) داخل هذا الحي الشعبي اسسته من زيجتين سابقتين رغم انها لم تتجاوز الثالثة والعشرين من عمرها .. كانت مروة ترقص وهي تنظر الي طارق الذي كان يقف في شرفة منزله ينظر الي اجواء العرس في الشارع .. كان طارق الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين يعيش مع شقيقه الاصغر عمر ووالدته ناهد التي تعمل في مستشفي الحضرة والتي كان يعمل بها والده ايضا قبل وفاته .. اما هو فكان يرفض العمل الحكومي .. جعله هذا يعمل في عدة مهن لم يستمر طويلا في ايا منها .. طارق ينتهى من سيجارته التى يشربها حتى اخرها ثم يلقى بها فى الشارع ويتجه الى الداخل                         دخل غرفته المتواضعة حيث تكدست الملابس بإهمال على فراشه، وإلى جوارها مكتب قديم، بينما تزين الحائط صورٌ لممثلات أجنبيات تتداخل مع آيات قرآنية ومناظر طبيعية. في المنتصف، صورة والده الراحل، وعليها علامة سوداء تحكي غيابه.. يقترب طارق من فراشه ويلتقط من بين ملابسه ما يرتديه ويتجه الى الصالة .. كانت ناهد والدته تجلس في الصالة تشاهد احد برامج الطبخ الشهيرة
.. تابعته بنظرها وهو يتجنب النظر اليها حتي اتي بحذائه ليرتديه .. _انت نازل يا طارق _ اه .. رايح الشغل _ شغل .. هو البتاع اللى بتروحه  ده بتسميه شغل ؟.. مخلص كلية حقوق وبتشتغل في سايبر وفرحان ؟ _ يعنى هو انا لقيت غيره وقولت لا _ ما انا قولتلك اشوفلك شغلانه فى المستشفى اللى انا شغاله فيها وانت اللى مش راضى _يعنى انتى مديرة المستشفى .. ده انتى حاياله ممرضة _ خليك كده ماشى بدماغك اللى متركبه شمال دى ..انا عارفة دماغك مودياك فين .. تلمع الدموع في عينيها    عايز تسافر ؟.. هتسبني انا واخوك يا طارق ؟ _ عايز اعمل حاجة في حياتي _ ما تعمله هنا .. عندك امبارح قابلت كوثر اللي ساكنه اخر الشارع .. ابنها اشتغل فين بقي … _ ست الكل .. وحياة رحمة ابويا انا مبحبش نشرة الصبح دى _ مش باقولك اخبار الشارع _ وتقوليلى اخبار الشارع ليه هو انا هابقى المراسل بتاع المنطقة ينظر لأمه مبتسما محاولا تغيير دفه الحديث _ انتى هتعمليلنا النهاردة ايه على الغدا تبتسم وكأنها لم تكن غاضبة من لحظات _ كشري وبيض مدحرج _ تسلم ايديكي .. هالحق انزل بقي عشان اتأخرت نزل سريعا دون ان يعطيها فرصة لتعلق .. كان يعرف امه جيدا .. تغضب سريعا وتهدأ سريعا ثم تعود لتغضب مرة اخري .. خرج من المنزل متجنبا النظر الي مروة حتي لا تستوقفه مثلما تفعل كل مرة بحجج مختلفة .. استقل سيارة ميكروباص ليصل الي المحل الذي يعمل به في منطقة سيدي بشر .. استلم عمله في ( السايبر ) وبعد ان تابع اجهزة الكمبيوتر الذي يجلس عليها بعض الشباب ذهب ليجلس خلف الكمبيوتر الرئيسي وفتح صفحة
المحادثة ليتكلم مع صديقته الايطالية فالنتينا .. كانت الشقراء الجميلة ذات الثلاثين عاما قد وعدته انه اذا عبر البحر ووصل الي ايطاليا ستساعده في ايجاد عمل له .. كان يقضي اغلب الوقت وهو يحلم بالسفر .. انهي عمله وذهب ككل يوم الي بير مسعود .. كان هذا البئر الذي يحوي الاف العملات المعدنية التي القاها اصحابها مع امنية ظنوا ان البئر قادر علي مساعدتهم في تحقيقها .. كان طارق من مريدي هذا البئر السحري منذ ان كان طفلا .. كان يتباري مع اقرانه في القفز داخل البئر لاظهار مهاراتهم وشجاعتهم امام الاخرين .. الاخرين يلقوا باموالهم فقط اما هم يلقوا بارواحهم في ذلك البئر .. ولكن لم تتحقق امنياته قط .. كان يحلم بعمل جيد فلم يجد حتي عمل مناسب وكان يحلم بفتاة تشاركه احلامه فأحب فتاة تركته لصالح رجل اغني منه .. لم يسمع البئر امنياته حتي الان .. كان يجلس وهو ينظر باتجاه البحر الممتد داخل الظلام عندما صوت رنين هاتفه .. كان صديقه بكري .. ذهب طارق لمقابلة صديقيه بكري وهيثم .. كان بكري قوي الجسد يعمل مع والده في محل لقطع غيار السيارات .. وعلي عكسه تماما كان هيثم نحيل الجسد بشكل ملحوظ ورث ذلك الجسد النحيل من والده وورث ايضا صالون للحلاقة يقوم بادارته .. كان طارق يراهما افضل حظا منه فهو لم يجد مشروع لوالده يعمل به معه ولم يكن في استطاعه والده ان يورثه الا وظيفة كتابية تافهة في مستشفي حكومي لن تفي بكل احلامه .. جلس طارق بينهما في كافتيريا تطل علي البحر وعينيه معلقة بالموج الذي يأتي وينسحب مرة اخري _ لو عديت البحر حياتي هتتغير .. كل احلامي اللي اتأجلت سنين هتتحقق ابتسم بكري _ كل ما نقعد معانا ع البحر عينيك تفضل متعلقة بالبر التاني يعلق هيثم _ والله يا ابني انا خايف عليك تروح زي اللي راحوا قبلك .. امك مش هتستحمل يحصلك حاجة يبتسم طارق بعدم اهتمام _ مش فارقه كتير .. تموت في البحر زي ما تموت وانت قاعد مكانك وبتشوف احلامك بتختفي واحد ورا التاني بكري معترضا _ اومال لو مكنتش انت اللي متعلم فينا .. كنت تقول ايه هيثم مستنكرا لبكري _ اتكلم عن نفسك .. انا معايا دبلوم … ينظر لطارق سيبك من حوار السفر ده دلوقت .. السفر محتاج مصاريف كتير وانت لسه محوشتش   ربعها حتي عشان تفضل شاغل بالك ليل ونهار كده يزفر طارق بضيق _ يعني الواحد ميحلمش حتي ؟ يضحك بكري _ لا ياعم احلم براحتك .. بس اصحي وخليك في الدنيا شوية .. الدنيا هي اللي هتنفعك مش الحلم يقطع كلامه وينظر لهيثم وطارق اه نسيت .. بأقولكم ايه بكرة عفش صفاء اخت الواد حسين هيجي عشان فرحها بعد بكرة  وعايزين نقف معاه من بدري في اليوم التالي وقف ثلاثتهم في الشارع مع حسين شقيق صفاء التي كانت ( حنتها ) في اليوم السابق .. كان حسين شقيقها الاكبر يتكلم في هاتفه بغضب _ ياعم ما انت بقالك ساعة بتقول جاى ….خلاص انجز انا واقف مستنى اهو ….وحياة امى لو اتأخرت ما انت شايف ضفر البت يغلق حسين هاتفه محاولا ان يبدى انفعال مبالغ فيه بعد ان لاحظ ابتسامات من طارق وبكرى وهيثم بها بعض السخرية من لهجته المفتعلة _ عيل بلط الواد سعيد ده والله يرد عليه طارق وهو يكتم ضحكته _ خلاص بقى ياحسين ..ده هيبقى جوز اختك .. متقفلش معاه فى يوم زى ده ضحك بكري _ يقفل مع  مين ياعم .. ده لسه مطرقعله من يومين حسين وقد استشاط غضبا _ مطرقع لمين يابكرى .. انا بس اللى مش عايز ابوظ جوازة البت …طب وحياة امى لو مجاش ماهو شايف ضفرها _ ياعم ايه ضوافر اختك دى اللى انت محافظ عليها اوى كده ..وبعدين الراجل دخلته بكره .. بلاش تعمل راجل عليه بدل ما يطلعه فيها   حسين يهتف _ طب ايه رأيك بقى يابكرى عشان اللى انت قولته ده وحياة امى …… قبل ان يكمل حسين جملته تدخل سيارة نقل الى الشارع محملة بالاثاث .. حسين ترتسم على شفتيه ابتسامة ثقة .. وهيثم يشير له على السيارة النقل _ اهو ياعم الراجل متأخرش تتوقف السيارة النقل ويفتح الباب الامامى وتنزل دنيا من السيارة بهدوء كانت دنيا فتاة  فى اوائل  العشرينات من عمرها  تتميز بجمال هادئ وعينان بهما كثير من الغموض وترتدى ملابس عادية لمستوى متوسط ولكنها تظهر عليها جميلةجدا وانيقة … حسين وبكرى وطارق وهيثم تتعلق عيونهم بدنيا وينظرون لها مشدوهين …دنيا تنظر الى المنازل فى الشارع وتتابعها دون ان يبدو على وجهها اى تعبير ولا تبدو وكأنها شعرت بعيون الشباب التى تعلقت  بها .. كان طارق ينظر لها وقد شعر لوهلة أن الشارع أصبح أكثر ضيقًا وكأن الزمن توقف للحظة عند رؤيتها .. يخرج من السيارة  شوقى  والد دنيا وهو رجل مسن فى بداية الثمانينات من عمره يرتدى ملابس يبدو فيها كأحد الموظفين على المعاش ويبدو من حركته البطيئة انه يعانى من المرض دنيا تأخذ بيد والدها وتساعده على النزول من السيارة وفى نفس الوقت ينزل سائق السيارة ويشير للشباب _ معلش يارجاله والنبى ايدكم معانا ننزل حتتين العفش دول بكرى وطارق وهيثم يتحركون بدون تفكير تجاه السيارة النقل وحسين ينظر حوله ثم يتبعهم … هيثم وحسين يرتقون اعلى السيارة النقل وطارق وبكرى يأخذون منهم قطع الاثاث وهم لاينزلون نظرهم عن دنيا التى تأخذ بيد والدها وتدخل به الى المنزل المقابل لمنزل طارق .. داخل الشقة تفتح دنيا النافذة وهى تقف امامها وتنظر الى المنطقة من خلال نظرات سريعة وكأنها لاتريد تثبيت نظرها على اى شئ حتى لا تلتقى نظراتها مع اى احد اخر .. كان طارق وهو يضع قطع الاثاث يثبت نظره علي دنيا .. كان بها شيئا مختلفا .. عينيها الممتلئة بالحزن ووجها الجامد لا يتناسبان مطلقا مع جمالها ورقتها .. أتى بجانبه فجأة شوقى والد دنيا والذى ينظر له ضاحكا بأمتنان وهو يربت على كتفه شاكرا _متشكرين اوى ياولاد يفيق طارق من لحظة شروده وهو يرد لشوقى بابتسماة مرتبكة .. يجمع طارق اصدقائه ليخرجوا من الشقة وهو يحاول ان يسترق بعض النظرات لدنيا التي وقفت في مكانها كتمثال جامد لا تتحرك .. خرج طارق من شقة دنيا وقد استولت تلك الوافدة الجديدة علي تفكيره .. كانت ملامحها ونظراتها لا تغيب عن عقله .. ظل ليلته كاملة يفكر فيها .. في اليوم التالي ذهب ام حسين والدة العروس ومعها مروة الي منزل دنيا .. طرقت الباب ففتحت دنيا وهي تنظر لهما باستغراب _ايوه تنظر لها ام حسين مبتسمة _صباح الخير ياحبيبتى _صباح النور تتدخل مروة _  ام حسين جايه تعزمك على فرح بنتها .. النهاردة بالليل _ معلش مش هاقدر اجى … بس الف مبروك ام حسين ومروة ينظران الي بعضهما البعض وقد تملك منهم الغضب فلم يتوقعا تلك المقابلة الفاترة من دنيا .. تمسك مروة بيد ام حسين لتبتعد عن شقة دنيا _ الله يبارك فيكى ياحبيبتى  .. يلا يا ام حسين ام حسين ومروة يبتعدان ودنيا تغلق الباب .. خرجت مروة ومعها ام حسين الي الشارع .. كانت مروة ثائرة بشدة من تلك المعاملة التي تلقياها من دنيا .. هتفت بضيق وهي تتكلم مع ام حسين وهما يبتعدان عن منزل دنيا _ هى مالها عاملة كده ليه .. واقفة بتتنى وبتتفرد …اللى ماقالتلنا اتفضلوا _ خلاص احنا عملنا اللي علينا وعزمناها _ ياختى عنها ماجت .. قطعت .. وحياتك ما هعبرها تانى .. اه ..انا اللى ميعملنيش كحلة فى عينه معملوش مداس فى رجلى كانت دنيا تقف وراء النافذة المغلقة وهى تنظر من خلال فتحات الشيش على ام حسين و مروة ثم تلتف لتجد والدها يقف وهو ينظر اليها .. كانت عينيه تحمل مزيجا من الشفقة والعتاب _ هتفضلى لغاية امتى باعده نفسك عن الناس يادنيا .. ده المثل بيقول جنة من غير ناس متنداس _ ده لما يكونوا ناس .. ما انت شفت الناس اللى كانوا حواليا كانوا عاملين ازاى .. اول ما نادر مات بقى كل واحد فيهم عايز يقطع منى حته .. وكل واحد بينقى الحته اللى هو عايزها ..خلينى كده فى حالى .. البعد عن الناس غنيمة كان والدها يعرف انها عانت كثيرا بعد وفاة نادر زوجها والذي لم تستمر فترة زواجه منها غير عام واحد فقط .. اشقائه استطاعوا الاستيلاء علي ميراث شقيقهم كله ولم يتركوا لها شيء واصدقائه المقربين حاولوا التودد لها تحت عناوين كبيرة وانسانية مثل حمايتها او مساعدتها في استعادة حقها وعندما لم ينل ايا منهم غرضه منها انصرفوا عنها وتركوها وحيدة مع أب عجوز لا يستطيع حمايتها او الدفاع عن حقوقها .. كان يعلم كل ذلك ولكنه لم يكن يريدها ان تسجن نفسها داخل هذا الماضي المؤلم .. في المساء وقفت دنيا تتلصص من وراء نافذتها علي اجواء الفرح الشعبي في الشارع .. لم يشعر بها احد الا طارق الذي كان يسترق النظرات الي نافذتها ويري ظلها خلفه .. جعله ذلك ينسحب من وسط الناس جميعا ويذهب الي غرفته فشرفتها تواجه نافذة شقة دنيا تماما .. ظل في الظلام يتابعها من خلال نافذتها المفتوحة قليلا دون ان تلاحظه .. كانت عينيها الجميلة حزينة ووجهها متجهم وكأن بها حزن العالم كله .. في اليوم التالي جلس طارق مع صديقيه بكري وهيثم في نفس الكافتيريا التي تعودوا ان يتواجدوا فيها يوميا .. لم يزعجهما ككل مرة بالحديث عن حلم السفر والهجرة ولكنه اسلم اذنيه لبكري الذي كان يحكي لهما ماعرفه والده عن دنيا ووالدها _ السمسار اللي اجرلهم الشقة صاحب ابويا وابويا بيحب يستفسر عن كل حاجة .. ابوها كان موظف حكومة .. بس غلبان وعلي قده وهي اتجوزت شاب غني جبته وحبها .. بس يا عيني مات بعد جوازهم بسنة بس .. اهله خدوا منها كل حاجة وطردوها حتي من شقتها .. معرفتش تقف ادامهم لوحدها .. وابوها يا عيني راجل غلبان ومريض سكر وضغط وكوكتيل امراض تانية .. فحقها ضاع هيثم يهز رأسه بأسف _ وانت بقي صعبانة عليك _ ايوه ما هي واحدة في ظروفها دي محتاجة راجل يقف جنبها _ لا يا راااجل .. وانت بقي الراجل ده ؟ _ ايه يا هيثم انت مش شايفني راجل ولا ايه ؟ كان طارق يكتفي بالاستماع لحديثهم عن دنيا وهو صامت ينظر للبحر ولا ينظر لهما ولكن تصاعد حدة الحوار بينهما جعلته يتدخل ليفض ذلك الاشتباك _ البنت شكلها محترم .. بلاش احنا نبقي زي الناس اللي ضرتها في حياتها يبتسم بكري وهو ينظر لطارق _ اول مرة اشوفك مهتم بحد يا صاحبي _ مش مهتم .. بس مش حابب طريقة تفكيرك دي كان بداخله نفس ما قاله له بكري فهو لم يهتم يوما لأمر اي من الموجودين في شارعهم .. كان يعتبر فترة وجوده في هذا الشارع فترة مؤقته ستنتهي يوما ما .. حتي عندما كان صديقيه يعددا الاشياء التي يرتبطا بذكريات معها في شارعهما لم يكن يشاركهما تلك الذكريات وكأنه يرفض ان يرتبط بشيء يبقي ذكري تجذبه الي الخلف  .. في طريقه للعودة تقابل طارق مع مروة التي كانت تسكن معه في نفس المنزل .. استوقفته مروة وهي تبتسم له بدلال _ ايه يا طارق مش ناوي في مرة تيجي تشرفني في المحل بتاعي ابتسم بسخرية رغم ضيقه _ هاجيلك كوافير حريمي اعمل فيه ايه ؟ _ تيجي تشرب معايا القهوة وتشوف المحل .. اصل انا جددته وعملت ديكورات تحفة _ الف مبروك .. ده من فلوس الجوازة الاولانيه ولا التانيه ؟ نظرت له وقد فهمت ما يرمي اليه _ الاتنين .. بس التالته تابته كانت تعرف انه يتجنبها ولكنها تعودت ان تحصل علي ما تريد .. فعلت ذلك في الزيجتين السابقتين وكانت تتمني ان يكون طارق هو خاتمة حظها في الزواج .. عاد طارق الي منزله ليجد والدته التي عادت لتوها من عملها تجلس في صالة المنزل .. يدخل مرتبكا ويظل يتحرك فى الصالة بلا هدف وهو يعبث ببعض الاشياء بارتباك ..ناهد تنظر اليه وقد لاحظت حركته غير الطبيعية يقترب هو منها ويجلس بجانبها _ مساء الخير _ مساء النور يا حبيبي .. بقالك دقيقة بحالها بتلف حوالين نفسك اوام ما افتكرت تسلم _ لا كنت بادور علي حاجة .. قوليلي عمر رجع من الدرس ؟ _ اه رجع واتغدي ونام قبل ما اجي وسابلي ورقه اصحيه الساعة عشرة يذاكر _ ربنا يوفقه .. ده ثانوية عامة السنة دي تبتسم وهي تنظر له متشككة فيكمل بارتباك _ هو انتى مسلمتيش على جارتنا الجديدة ؟ _ لا _ اصل هى عايشة لوحدها مع ابوها .. وابوها ده راجل كبير ومريض وانتى ممرضة _ وانا عشان ممرضة هافوت على كل بيت اشوف من فيه عيان _ لا بس الجيران لبعضيها يقاطعه صوت طرقات قوية على الباب .. طارق يذهب الى الباب ويفتحه فتظهر دنيا التى تقف امام الباب وهى مرتبكة ومتوترة بشدة _ مدام ناهد موجودة طارق يهز رأسه بالايجاب دون ان يتكلم .. ناهد تنهض وتقترب منها .. دنيا تنظر الى ناهد وتكمل بأرتباك _معلش انا اسفة انى قلقتك .. بس بابا تعبان اوى .. والسمسار كان قاللى انك ممرضة ناهدتنظر لها مبتسمة بدهشة وتنظر الى طارق الذي وقف صامتا لا يستطيع ان يفعل او يقول  شيء .. بعد دقائق كانت ناهد مع دنيا في شقتها تعطي لشوقي والد دنيا حقنة .. دنيا تنظر لها مترقبة بقلق _ ايه الاخبار _ هيبقى كويس .. كان ضغطه عالي شوية .. بس لازم تجيبيه المستشفي الدكتور يكشف عليه ويطمنا انهت ناهد ما تفعله وعادت لتجد طارق في انتظارها .. جلس معها يستمع لكل تفاصيل ما خدث بينها وبين دنيا باهتمام .. انهت ناهد حديثها ثم نظرت الي طارق مبتسمة بتشكك _ بس انت ايه اللى قعدك جنبى تسمع حكايتها .. ده انت عمرك ما حبيت تسمع اى اخبار علي  الجيران _ يعني لو مسمعتش تضايقي ولو سمعت تضايقي .. انا داخل انام يدخل الي غرفته سريعا وتجلس ناهد وهي تحدث نفسها مبتسمة
تم نسخ الرابط