باب رزق
العربة ويطلب كوبا من القهوة يجهز سريعا فيبدأ في تناوله وهو يمسكه بكلتا يديه
ملتمسا الدفء منه بينما يتكاثف البخار ليخرج من فمه وكأنه يدخن ثوان ويقترب منه احد السائقين الواقفين في المكان يتناول مشروبا ساخنا ليقدم له لفافة تبغ وهو يحادثه مبتسما
– مساء الجمال … خد اشعل دي
يرفع رزق نظره نحوه مندهشا من هذا الذي يعزمه علي لفافة تبغ فهو لا يعرفه قبل ان يجيبه في ألية
– الف شكر مش بدخن
يجيبه الرجل ساخرا
– عجبك اللي احنا فيه قوي ونفسك تطول فيه يعني؟؟
لا يبدو علي رزق انه فهمه فيهز رأسه متسائلا
– مش فاهم انت تقصد ايه؟؟
يميل نحوه الرجل ليجيبه بفحيح يوحي بخطورة ما يحاول اخباره به وهو يرفع يده الممسكة بالسيجارة مشيرا نحوها
– دي كده كده هاتجيب اجلك … الا لو انت عجباك العيشة هنا وناوي تطول؟
ينظر رزق حوله في حيرة وهو يتسائل بصوت مسموع
– هنا؟؟ انا مش عايش هنا
ترن ضحكة الرجل ساخرة مزعجة رفيعة كضحكة فأر بينما تعلو ملامح رزق مسحة من ندم لتفوهه بعبارته الأخيرة قبل ان يلوح الرجل بيديه في دائرة امام صدره قائلا
– يا أستاذ هنا في الدنيا مش هنا في الربع متر المربع اللي انت واقف عليه دلوقت
يجيبه رزق قائلا في حنق
– ماهو ده اللي فهمته بس متأخر للأسف … بس تصدق انت اقنعتني … هات سيجارة
يستخرج الرجل علبة سجائر اجنبية ذات لون احمر ليفتحها وهو ينظر له مبتسما ابتسامة شيطانية صفراء وهو يسأله
– حاف ولا مغمسة؟؟
ينفجر رزق ضاحكا وهو يجيبه
– يا عم خدني واحدة واحدة .. انا سني كبر علي الانحراف
يزيح الرجل بعض اللفافات )المبطرخة( ليستخرج واحدة مستقيمة يقدمها نحو رزق قائلا
– احلي سجارة حاف
– رزق
– للأستاذ رزق ابن الناس الكويسين
يتناول رزق لفافة التبغ منه قبل ان يلتفت نحو الرجل منتظرا ان يقترب منه بالقداحة فيقترب منه الرجل بالقداحة وهو ويشعلها ويلف كف يده حول شعلتها حتي لا ينجح هواء الصحراء في اطفائها نحو طرف لفافة تبغ رزق ليشعلها وهو يقول
– وادي كمان الولعة علشان انت داخل في الجمعية دي بالرئتين بس
يسحب رزق نفسا صغيرا في البداية ويكح كحتين قصيرتين قبل ان يبدأ في التعود علي دخان السيجارة فيسحب نفسا عميقا ليخرجه من انفه فيصفق الرجل الاخر في جزل صائحا
– الله عليك يا مكيفة يا جامد
يستمر الاثنان في تبادل أطراف الحديث حتي ينتهي رزق من قهوته ولفافة التبغ فيستأذن وينطلق ليكمل طريقه وما ان يغادر رزق المكان حتي يلتقط الرجل الذي كان يحادثه تليفونا انيقا جدا من جيبه وتتبدل ملامحه وهو يضرب ازراره في سرعه ويرفع الهاتف الي اذنه لثوان قبل ان يجيب محدثه في جمود قائلا
– رزق لسة متحرك من عندي دلوقت حالا
ويغلق الهاتف دون ان ينتظر ردا بينما يتمر رزق في قيادته للسيارة متجها نحو بيته وقد ساهم الحوار الباسم وجرعة الكافايين في جعله يستيقظ قليلا ليتمكن من مواصلة
الطريق وعندما يقترب من الوصول الي بيته وعلي مشارف القاهرة وقد بدأت لمبة
حمراء صغيرة في الإضاءة بشكل متقطع داخل رأس رزق يكتشف وجود كمين متحرك للشرطة علي مقربة منه يستوقف السيارات المارة ويطلب اوراقها يقترب منهم رزق ليستوقفه الضابط قائلا
– الرخص لو سمحت
يستخرج رزق الرخصتين من شماسة السيارة ليسلمهم للضابط فينظر فيهم الضابط لثوان وهو ينقل بصره بين الرخص وبين رزق قبل ان يأمره قائلا
– ممكن حضرتك تركن علي جنب لو سمحت
يبدأ التوتر في التسرب الي قلب رزق فيسأل الضابط وهو يستعد لأن يمتثل لأمره
– حاضر بس هو في حاجة يا فندم؟؟
يجيبه الضابط وهو يهز رأسه مطمئنا وهو يبتسم ابتسامة روتينية
– لا ماتقلقش ده مجرد اجراء روتيني مش اكتر
يركن رزق سيارته وينزل ليقترب من الضابط المتشاغل في فحص أوراق سيارت اخري ليقف بجواره منتظرا ما سيطلبه منه فيتجاهله الضابط لدقيقة ويستمر في تأدية عمله قبل ان يلتفت نحوه ليسلم له زجاجة مياة معدنية صغيرة فارغة قائلا
– هات عينة بول هنا علشان نحلل لحضرتك تحليل مخدرات
لا يصدق رزق اذنيه فما كان يسمعه غريبا جدا علي مسامعه ولكنه يجيب الضابط في توتر
– ليه بس يا باشا؟؟ انا مابشربش حاجة.. واشمعني انا؟؟ هو انا شكلي يدي مدمن؟؟
يجيبه الضابط في هدوء
مش بالشكل يا أستاذ خالص … ومعلش دي التعليمات اللي عندي
يمسك رزق بالزجاجة حائرا ليأخذ خطوتين مبتعدا عن الضابط وهو ينظر حوله لا يدري كيف سيتصرف قبل ان يعود للضابط وهو يتسائل
– طيب حضرتك دلوقت انا هاجيب لك عينة البول ازاي واحنا في الشارع كده؟؟
يبدو نفاذ الصبر جليا على ملامح الضابط وكأنه يتعرض لنفس هذه النوعية من الأسئلة منذ ان بدأت مناوبته فيصيح في رزق معنفا
– جري ايه يا استاذ صرف نفسك في اي جنب … بس اكون شايفك علشان العينة تبقي مظبوطة
يقف رزق شاعرا بالقنوط قبل ان يقرر ان يجيب الضابط في تحدي قائلا
– بس ده يا باشا فيه انتهاك لأدميتي حضرتك؟
ينظر له الضابط في تعجب قبل ان تنطلق من حلقه ضحكة ساخرة طويلة ثم قبل ان يقترب منه ينظر في رخصته ثم يوجه حديثه له ساخرا
– استاذ رزق حضرتك مواطن مصري مش كده ؟؟ عديت التلاتين كمان … امال
حضرتك مستغرب ليه؟ انت بتحكي في ايه حضرتك؟ بلاش نكبر المواضيع انتهاك وادميتك .. انت شغال في لجنة حقوق الانسان؟؟
يتركه الضابط وينصرف ليستكمل اداء وظيفته تاركا رزق ينظر حوله في حيرة قبل ان يقرر ان يتسلل ليحاول الوقوف خلف احدي السيارات المتوقفة )ليخلص نفسه( ولكن صوت الضابط ينطلق محذرا وهو يصيح به
– مكان اشوفك فيه يا أستاذ رزق
فيتوقف رزق في مكانه متجمدا عاجزا عن التصرف ليجد مخبرا اربعينيا ذا شارب كث يكاد يحتل نصف مساحة وجهه يقترب منه ليضع يده علي كتفه ويقتاده برفق الي مكان بعيد خلف بعض السيارات ليحثه في نفاذ صبر قائلا
– يلا يا أستاذ خلص نفسك هنا … انا هاديك ضهري
يستدير ليترك رزق يحاول ان يعتصر نفسه لأخر قطرة فلا يفلح في بادئ الامر حتي يقرر ان يغلق عينيه وينفصل تماما عن كل ما حوله حتي ينجه ينتهي مما يفعل ويغلق ملابسه ويقترب من الضابط حاملا العينة فيشير الي فني التحليلات الطبية التابع للجنة المرور الذي كان يجلس في عرض الشارع بطاولة صغير عليها بعض الأجهزة والمواد الكيميائية … يلتقط منه الفني العينة ويفحصها سريعا لتثبت سلبيتها فيسجل هذا علي ورقة ويعطيها لرزق الذي يتناولها منه ويذهب للضابط ليريها إياه فيسمح له بالانصراف. يكمل رزق طريقه حتي يصل الي منطقته يدخلها ليلا وقد عمها الهدوء يتجه رزق بسيارته ليركنها في نفس مكانها المعتاد كما يفعل كل يوم وقد بدا علي ملامحه ومشيته الارهاق الشديد وهو ي خطو خطى ثقيلة ليغيب داخل باب عمارته
العربة ويطلب كوبا من القهوة يجهز سريعا فيبدأ في تناوله وهو يمسكه بكلتا يديه ملتمسا الدفء منه بينما يتكاثف البخار ليخرج من فمه وكأنه يدخن ثوان ويقترب منه احد السائقين الواقفين في المكان يتناول مشروبا ساخنا ليقدم له لفافة تبغ وهو يحادثه مبتسما – مساء الجمال … خد اشعل دي يرفع رزق نظره نحوه مندهشا من هذا الذي يعزمه علي لفافة تبغ فهو لا يعرفه قبل ان يجيبه في ألية – الف شكر مش بدخن يجيبه الرجل ساخرا – عجبك اللي احنا فيه قوي ونفسك تطول فيه يعني؟؟ لا يبدو علي رزق انه فهمه فيهز رأسه متسائلا – مش فاهم انت تقصد ايه؟؟ يميل نحوه الرجل ليجيبه بفحيح يوحي بخطورة ما يحاول اخباره به وهو يرفع يده الممسكة بالسيجارة مشيرا نحوها – دي كده كده هاتجيب اجلك … الا لو انت عجباك العيشة هنا وناوي تطول؟ ينظر رزق حوله في حيرة وهو يتسائل بصوت مسموع – هنا؟؟ انا مش عايش هنا ترن ضحكة الرجل ساخرة مزعجة رفيعة كضحكة فأر بينما تعلو ملامح رزق مسحة من ندم لتفوهه بعبارته الأخيرة قبل ان يلوح الرجل بيديه في دائرة امام صدره قائلا – يا أستاذ هنا في الدنيا مش هنا في الربع متر المربع اللي انت واقف عليه دلوقت يجيبه رزق قائلا في حنق – ماهو ده اللي فهمته بس متأخر للأسف … بس تصدق انت اقنعتني … هات سيجارة يستخرج الرجل علبة سجائر اجنبية ذات لون احمر ليفتحها وهو ينظر له مبتسما ابتسامة شيطانية صفراء وهو يسأله – حاف ولا مغمسة؟؟ ينفجر رزق ضاحكا وهو يجيبه – يا عم خدني واحدة واحدة .. انا سني كبر علي الانحراف يزيح الرجل بعض اللفافات )المبطرخة( ليستخرج واحدة مستقيمة يقدمها نحو رزق قائلا – احلي سجارة حاف