ولاد زينب

وهنا رد أحمد متسالًا
– ومين اللي هترضى تتجوز واحد بيرعى عيال زوجته وكمان أنا مش ضامن حتى ممكن تتعامل إزاي مع الولاد ده انا موافقتش اجيب مديرة منزل خوفًا من أنها تعاملهم معاملة وحشة
ردت الأستاذة سلوى وكأنها وجدت الحل
– أنا اعرف في البلد بنت شيخ الجامع جار العيلة عندنا من زمان البنت دي أسمها فاطمة متربية وتقية وكانت إتجوزت ومخلفتش ولما جوزها عرف إن المشكلة منها في عدم الخلفة ويأس من المحاولات مع الدكاترة طلقها وإللي أعرفه دلوقت إن أبوها نفسه يجوزها علشان يطمن عليها قبل ما يموت
رد الأستاذ علي متحمسًا
– يبقى هي دي اللي هتعتبر الولاد اولادها وهتتقي ربنا فيهم ولا ايه رأيك يا أحمد
رد أحمد متحيرًا
– تفتكروا الأولاد يقبلوها
– ما الولاد صغيرين يا أحمد عايزين الحب والرعاية إيه إللي يخليهم ما يقبلوش حد هيراعيهم
هكذا كان رد الأستاذة سلوى الذي جعل أحمد يمط شفتيه ويقبل بإمائة من رأسه ويعلن عن موافقته
– على خيرة الله
هكذا قالها الاستاذ علي ضاحكًا ونظر إلى الاستاذة سلوى
– ممكن ترتبيلنا معاد يا أستاذة مع الشيخ والد العروسة ، وبعد أن أعلن الأستاذ لبعض الجيران عن إنه سيأتي بعروس جديدة قريبًا ، اشتعلت ثورات الغضب داخل قلوب الأمهات الاتي كن يظنن إنهن اقتربن من السيطرة على الأستاذ ، ولكن الأستاذ كان يعلم مسبقًا بالنار التي ستضطرم بنفوس سائر الأمهات والفتيات ولهذا بدء يحاول إتقاء شرهن بمحاولة اعطاء اولادهن دروس خصوصية مجانية ويهدي لهن بعض الهدايا هنا وهناك وحاول أن يرضي شرقًا وغربًا لخوفهِ على عروسهُ الجديدة من كيدهم ولكن هيهات فبينما كان الأستاذ مثابرًا في المدرسة على إعطاء دروسة لطلبة فصله كانت دعاء ويونس يتلقيان من
– أنا مش هسمع كلامها ومش هخليها تمسك حاجة ماما علشان هي مش ماما
حتى إن يونس الصغير ذات الثلاث أعوام تحول الى ببغاء يردد ماتقوله أخته برغم انه لايعرف عن ماذا تتحدث ويردد ببراءة
–أيوة هي مش ماما
وهكذا اطمئن المتأمرات إنهم أعدوا الأطفال لأستقبال زوجة الأستاذ ، الأستاذ الذي ظن إنه إتقى شرورهم بالهدايا وتعليم أولادهم. وبعد أن احضر معه الى المنزل عروسه وكانت هادئة مسالمة رقيقة الشكل والطباع وبرغم ذلك كان الأستاذ كل صباح قبل أن يبرح المنزل ينصحها قائلًا
– يافاطمة خلي عينك على دعاء ويونس وأعتني بيهم كويس ومتخليهمش يعيطوا ويبكوا وخليكِ فاكرة إنك تحذري من الجيران وأهم شيء ماتخليش الولاد يصرخوا بأي شكل من الاشكال حتى لو كان صراخهم ده وهما بيلعبوا
فهمت فاطمة مايقصده زوجها ولكن حينما يكون شعر دعاء الصغيرة ملبدًا في رأسها فهي تكف عن تمشيطه؟ وحينما يكون وجه يونس ملطخًا بالطعام والشكولاته فهل تمسك عن غسله؟ فعندما تطلب من دعاء إن تأتيها لتمشط لها شعرها فتلوح الصغيره بيدها وتصيح صارخة – لا مش عايزة أسرح شعري سيبيني، وتجري من امامها وهي تصرخ بصوت عالٍ ليسمعها الجيران وعندما تحاول تدليل يونس وهي تأخذه إلى الحمام لتنظف له وجهه فيقتدي يونس بأخته ويصرخ ويبكي ويتملص من بين يدى فاطمة ويرفض تمامًا غسل وجهه أو تبديل ملابسه المتسخة وعندما تحاول معهما بجد وتأتي بدعاء وتمسك المشط لتمشطها أو تحاول أن تحمم يونس كانا يصرخان وعندما يسمعوا الجيران صراخهما يحتشدون أمام المنزل وقد ثار ثائرهم وبسطوا ألسنتهم
– أه أهي بدأت أهو بصوا يا ناس تلاقيها ماسكة البت الصغيرة وبتضربها وتلاقيها مكتفه الواد الصغير وسيباه من غير أكل
وكانوا يعلون بصوتهم ليسمعوا فاطمة ما يقولونه، وكان إذا تركت فاطمة الطفلين على حالهما لكي لا يبكون ولا يصرخون ويشاهدهما الجيران على هذا الحال اسمعوها مر الكلمات
– أه علشان ملهمش حد ومش عيالها سايبة دعاء الصغيرة شعرها منكوش ومبهدل وسايبه الواد هدومه وسخة والدبان على وشه يمرضه طبعًا ماهي عايزة تخلص منهم
وفي بعض الأحيان كانت دعاء رغبة منها في المشاكسة والمشاغبة تستغل إنشغال فاطمة في شغل البيت والمطبخ ، كانت تفتح باب الشقة وتتسلل إلى الشارع حافيه القدمين وكان احيانًا يتبعها يونس وتظل فاطمة تبحث عنهما حتى أن ذا يوم إدعت دعاء أن فاطمة عاقبتها وأنزلتها للشارع هي وأخاها وبطبيعة الحال يلتف الجيران حول الطفلين نادبين حظهما وأن يتهمون فاطمة بأنها تنزلهم إلى الشارع بدون حذاء بملابس خفيفة في الزمهرير لأن غرضها ان تقتلهما بذات الرئة او تتركهم ليموتوا من البرد وطبعًا ستأتي الأن وهي تبحث عنهم باكيه بدموع التماسيح ، ولو إن فاطمة ملاك منزل من السماء كان لابد ان ينفد صبرها وتثور في مثل هذه المواقف وكان دمها يفور ويغلي لا من الظلم وحسب بل كذلك من مراقبتها لتلك الصغيرة التي تزداد كل يوم امعانًا في الشر والأذى والغلظة والتمرد وفقدان الأحترام ، فتأمل بنتًا صغيرة لم تكمل عمرها السادسة بعد تلوح بيديها الصغير لتقول لفاطمة ان هذه شقتها وتقول لأحمد ان يعطيها مالها ، و في مدى أشهر قليلة إزداد عمر الأستاذ عشر سنوات وهو ينظر الى زوجته وهي تبكي إلى جانبه مقهورة وليس عنده مايقوله أو يفعله للشيطانين الصغيرين، وعندما يأست فاطمة من محاولة أحتواء الطفلين ذهبت إلى الأستاذة سلوى تشكي لها مر الشكوى وكانت الأستاذة على علم بما يحدث فالأستاذ أحمد دائمًا يلوم نفسه أنه ترك لفاطمة مسؤوليه مجابهة الجيران وحدها وزاد عليه تحول الملكين الصغيرين إلى شيطانين ، ولكن الأستاذة نصحتها بأن تقوم بواجبها فإذا لم يجد اللين والرفق مع الطفلين فلا بد من أخذهما بالشدة ،وهي طبعًا نصيحة بارعة، ولكن كانت نتيجتها القشة التي قسمت ظهر البعير فقد وضعتها فاطمة في ذات يوم موضع التنفيذ فإذا بالجيران يأتون بالشرطة ببلاغ عن احتجاز أطفال بالقوة وتعذيبهم وعندها أتصلت فاطمة على الفور ليأتي الأستاذ وكانت هي محتجزه نفسها داخل غرفتها خوفًا من القبض عليها فلما عاد الأستاذ أستقبله الجيران صاخبين منذ رين ملوحين بأيديهم في وجهه و قد وقف خارج المنزل شرطيان وفي يدهما دعاء ويونس منتظرين عودة الأستاذ بصفته الوصي عليهما ليحرروا محضر بالواقعة ليتمكنوا من القبض على فاطمة وشرح الأستاذ للشرطة الأمر وبسؤال الشرطة لدعاء ويونس عن تفاصيل صراخهم وشهدوا أن فاطمة كانت تريد أن تحممهم وهم لايريدون فتيقن الضابط المسؤول من صحة رواية الأستاذ ومن أن البلاغ الذي تلقته الشرطة بلاغ كيدي وكاذب ولكن كانت الفضيحة مدويه واشتد غضب الأستاذ من جراء هذا الظلم وتلك الأكاذيب وتركت فاطمة له المنزل وذهبت إلى والدها الشيخ عيسى الأزهري التي لم تكن تريد أن تحكي له معاناتها خوفًا على الأستاذ أحمد من لوم والدها له ولكن من يقدر على تحمل ما تحملته طوال 6 أشهر هو عمر زواجها من الأستاذ ولكن بعد أيام قلائل من تركها له علمت أن الأستاذ طريح الفراش من المرض فعادت إليه مع والدها الذي روت له كل ما حدث معها وما كان يحدث مع الأستاذ من قبل أن يتزوجها وكان الشيخ عيسى رجل صعيدي أصيل يمتلك من حكمة السنين وعمله كشيخ للمسجد ما يؤهله لكي يكون قادر على أن يضع يديه على أصل المشكلة ليقوم بحلها مثل الطبيب الماهر الذي لديه القدرة على معرفة نوع المرض من شكوى المريض ليوصف له الدواء المناسب وبعد أن اطمئن الشيخ على صحة الأستاذ جلس معه بمفرده يحدث الأستاذ بلهجته الصعيدية وصوته الهادئ الوقور الذي عندما تسمعه يتحدث تصمت لتتعلم الحكمة والخبرة في هذه الحياة بعد أن سمع الشيخ رواية الأستاذ وشكواه قال له
– يا ولدي إنت نعم الفارس الشجاع اللي اتحمل مسؤولية في زمن نادرا ما تشوف فيه الشهامة، حد غيرك كان من البداية شال ايده ونفد بجلده ، أنا مش هقولك انا فرحان بالخير اللى مالي قلبك قد ايه علشان تشيل ولاد زينب وتحميهم بس ما أتاخذنيش ياولدي برغم كل الشهامة والنبل اللي جواك إنت ضعفت ياولدي ضعفت لما تحملت المسؤولية كنت قدها منكرش بس خايف ، وأدبك طمع الناس فيك ، دخلت دارك ناس مش شبهك وتركت ولادك لأغراب معملتش حدود للناس ، من الأخر كده سيبتها سداح مداح فطمع الطامع في الأستاذ الكبير اللي له هيبة وشأن وسطيهم وحقد الحاقد على الأستاذ المتعلم والمتنور ، والعين ياولدي متحبش تشوف إللي أحسن منها اوعاك تفكر ياولدي أن الناس كلها ممكن تعرف ترضيها ، كان الأولى بيك تشوف مصلحة ولادك وترعاهم وترضيهم كان يبقى أسهل كتير من إنك ترضي جيرانك كنت تعمل حساب للأغراب أكتر ماتعمل حساب لولاد زينب مع ان يوم ما تقع مش هتلاقي غير ولادك في ضهرك يسندوك ما هو عمرهم ما هينسوا جميلك عليهم ، أيوه ياولدي خدعوك وفهموك إنهم بيحاسبوك ويراقبوك لمصلحة العيال دول كل هدفهم يسيطروا عليك وعلى الولاد والدار ولو إنك أعلنت السيادة على دارك ومهمكش منهم وعرفتهم حدودهم فين وحافظت على ولادك من طبع الاغراب مكانوش إتمردوا عليك ، ياولدي لسه في يدك إنك تحفظ دارك وولادك ، في أوقات بتحتاج الشدة والجرأة وولادك مش عايزين منك غير الجرأة ، الأدب مع اللي يقدرك لكن غير كدة مطلوب تبقى أسد في موقعك
لأجل سلامة ولاد زينب وأمان دارهم.
النهاية
وهنا رد أحمد متسالًا – ومين اللي هترضى تتجوز واحد بيرعى عيال زوجته وكمان أنا مش ضامن حتى ممكن تتعامل إزاي مع الولاد ده انا موافقتش اجيب مديرة منزل خوفًا من أنها تعاملهم معاملة وحشة ردت الأستاذة سلوى وكأنها وجدت الحل – أنا اعرف في البلد بنت شيخ الجامع جار العيلة عندنا من زمان البنت دي أسمها فاطمة متربية وتقية وكانت إتجوزت ومخلفتش ولما جوزها عرف إن المشكلة منها في عدم الخلفة ويأس من المحاولات مع الدكاترة طلقها وإللي أعرفه دلوقت إن أبوها نفسه يجوزها علشان يطمن عليها قبل ما يموت رد الأستاذ علي متحمسًا – يبقى هي دي اللي هتعتبر الولاد اولادها وهتتقي ربنا فيهم ولا ايه رأيك يا أحمد رد أحمد متحيرًا – تفتكروا الأولاد يقبلوها – ما الولاد صغيرين يا أحمد عايزين الحب والرعاية إيه إللي يخليهم ما يقبلوش حد هيراعيهم هكذا كان رد الأستاذة سلوى الذي جعل أحمد يمط شفتيه ويقبل بإمائة من رأسه ويعلن عن موافقته – على خيرة الله هكذا قالها الاستاذ علي ضاحكًا ونظر إلى الاستاذة سلوى – ممكن ترتبيلنا معاد يا أستاذة مع الشيخ والد العروسة ، وبعد أن أعلن الأستاذ لبعض الجيران عن إنه سيأتي بعروس جديدة قريبًا ، اشتعلت ثورات الغضب داخل قلوب الأمهات الاتي كن يظنن إنهن اقتربن من السيطرة على الأستاذ ، ولكن الأستاذ كان يعلم مسبقًا بالنار التي ستضطرم بنفوس سائر الأمهات والفتيات ولهذا بدء يحاول إتقاء شرهن بمحاولة اعطاء اولادهن دروس خصوصية مجانية ويهدي لهن بعض الهدايا هنا وهناك وحاول أن يرضي شرقًا وغربًا لخوفهِ على عروسهُ الجديدة من كيدهم ولكن هيهات فبينما كان الأستاذ مثابرًا في المدرسة على إعطاء دروسة لطلبة فصله كانت دعاء ويونس يتلقيان من