بين الخديعة والهوى
-ليه يا ماما بس روحتيله، يعني هو أنا عويل قدامك، وبعدين أنا لو كنت عايز اروحله من الاول كنت هروحله بس أنا عارف ومتأكد إنه عارف هو أصلا دلدول مراته يا ماما.
قالت بحزن:
-كنت عايزة اساعدك يا بني، اعمل إيه، كلها أيام والكلبة اللي اسمها سلوى دي هتيجي تطردنا، هنروح فين!
لم يعقب على حديث والدته وسألهم مباشرةً باهتمام:
-انتوا شوفتوا ليلى كان معاها فلوس قبل كده كتير اوي؟
حركن رؤوسهن بالنفي، فذهب يبحث في غرفته للمرة الألف، ولم يجد شيئًا، حتى حسابها البنكي كان باسمه، ولم يكن به سوى أربعة آلاف جنيه، حتى دخلت حنين متذكرة شيئًا:
-بابا أنا افتكرت حاجة!
نظر إليها صامتًا، حتى قالت:
-كان في مرة بس من زمان شوفت ماما كانت بتدي شنطة فلوس كتيرة لخالتوا وبتقولها أنا مفتحتهاش من لما نزلنا من عندها وزي ما هي اهي وخالتو قالتلي ماشي ومشيت.
انعقد حاجباه وهو يسألها:
-نزلوا من عند مين؟
-معرفش والله أنا سمعت كده وبس.
-طيب الشنطة دي لونها إيه يا حنيم تفتكري وازاي عرفتي ان فيها فلوس؟
أجابت حنين وهي تجلس فوق الفراش:
-عشان أنا لما لقيتها في الاوضة هنا على السرير افتكرتها شنطة جديدة ليا للمدرسة وكان لونها أسود وفي نقط بيضة، بس لما فتحتها لقيت فيها فلوس كتير اوي، وماما لما شافتني زعقتلي وقالتلي دول بتوع خالتك واوعي تقولي لحد أنك شوفتي معايا فلوس.
قبّل وجنتها بقوة، ثم انطلق سريعًا إلى وصال مرة أخرى في مكتبها، هذه المرة لم يتحدث مع فتاة الاستقبال، رغم محاولاتها إيقافه، إلا أن وصال أشارت إليها بالخروج:
-هو سؤال واحد وتجاوبيني عليه، سلوى ادت ليلى الفلوس هنا قدامك؟
أجابت بهدوء:
-اه ومضو…
قطع حديثها واستكمل سؤاله الثاني بعجلة:
-الفلوس دي كانت في شنطة ولا ادتهملها
انعقد حاجباها بعد أن فهمت مغزى السؤال، ثم أجابت:
-كانوا في شنطة طبعًا وليلى فتحت الشنطة قدامي وشافتهم، ومضت…
بترت حديثها، لكن سؤاله الثالث انبثق على الفور، وكأنه رأى بصيص الأمل:
-الشنطة دي لونها أسود وفيها نقط بيضة؟
أجابت بتأكيد:
-ايوه هي كانت كده فعلاً، شوفت الشنطة واتأكدت يا كريم إن أنا مبكذبش عليك!
ارتسمت على وجهه ملامح التفكير العميق وهو يقول ببطء:
-حنين قالتلي إنها رجعت الفلوس وليلى قالت لسلوى أنها مافتحتش الشنطة من وقت لما نزلوا من عندها، بس لما سألت حنين نزلوا من عند مين؟ قالت معرفش، فأكيد من عندك، مش محتاجة تفكير.
خفتت نبرة صوتها وهي تتساءل بحيرة وشك:
-قصدك أيه؟
أجاب وهو يشد على كلماته:
-قصدي إن في لعبة يا وصال، يا إما ليلى فعلا كانت هتبيع ورجعت في كلامها يا إما….
بتر حديثه فجأة، ونظر إليها نظرة شك وهو يقول بانزعاج:
-أنا بقول لمين؟ لمحاميتها!! سلام.
نادته بصوت متوتر:
-كريم استنى! استنى لو سمحت!
لكنه غادر سريعًا دون أن يستمع لمحاولاتها في إيقافه، كان بحاجة إلى أن يبتعد عن المنطقة بأكملها، ليذهب إلى مكان يصفي فيه ذهنه ويفكر جيدًا في إيجاد حل لتلك المعضلة!
***
غادرت وصال مكتبها مساءً بعد الثانية عشرة بعد منتصف الليل، مقررة أن تمر على سلوى في محلها قبل أن تعود إلى البيت، كان الشارع شبه خالٍ إلا من بعض السيارات القليلة التي تمر بين الحين والآخر، والهواء البارد يتلاعب بخصلات شعرها وهي تخطو بحذر في ذلك الوقت المتأخر.
عندما وصلت إلى المحل، لاحظت أن أغلب الأضواء كانت مطفأة، مما منح المكان هالة من السكون المشوب بالغموض، تقدمت ببطء، تبحث بعينيها عن سلوى، ثم اقتربت من باب الغرفة الموجودة في آخر المحل، والذي كان مواربًا قليلًا، فوقع بصرها على مشهد صدمها.
كان هناك رجل مجهول يجلس وظهره مواجه لها، بينما سلوى تقف خلفه، تداعب رقبته في غنج ودلال لم تره منها من قبل، رفعت يدها ببطء لتطرق الباب، لكنها تراجعت عندما سمعت صوت سلوى تهمس له بنبرة مغناجة:
-أنا من حظي إن عبد الغفور مسافر بورسعيد أسبوع عشان اشوفك براحتي يا نن عيني.
استمعت وصال إلى الرجل يجيبها بصوت رجولي عميق، يحمل نبرة تعالٍ واضح:
-عملتلك مشكلة في شحنته، عشان يسافر ويخلع واعرف اشوفك يا قمر واملي عيني منك، واشوفك متضايقة ليه؟
تنهدت سلوى بثقل وهي تقول بغيظ مكبوت:
-هكون متضايقة ليه من الزفت اللي حاسة ان ماعرفتش اخد حقي منه، لسه واقف زي ما هو زي الجبل.
أردف الرجل بصرامة وتحذير:
-يا سلوى اصبري واتقلي احنا اتفقنا نهد فيه واحدة واحدة، ومفيش تهور، لازم تلعبي الدور للآخر، مفهوم.
زفرت بحدة وهي تقول بنفاد صبر:
-مفهوم، بس لازم نسرع اكتر من كده، ومنسبلوش فرصة يفكر فيها.
ضحك الرجل بمكر وهو يقول بثقة:
-وإحنا مش هنسيبله فرصة، هيتوه في المتاهة ومش هيلاقي المخرج.
تحركت سلوى صوب مكتبها بخطوات هادئة تحمل شرًا دفينًا، ثم أضافت بغل دفين:
-بس لازم حد يرشله شوية تراب في عينيه الأول، عشان يفضل تايه.
لكن الرجل بدا أكثر هدوءًا وحذرًا، فحذرها بلهجة صارمة:
-بس لما يجي الوقت المناسب، لازم الضربة تبقى قاضية.
غيرت سلوى الموضوع فجأة وهي تميل عليه بميوعة:
-إحنا هنقضي الليلة كلها نتكلم عن الزفت ده؟! فين اللي وعدتني بيه؟
ضحك الرجل بخفوت، فاقتربت منه أكثر وهي تهمس:
-ثواني يا نن العين، اقفل المحل من برة.
ارتعشت يد وصال فوق فمها وهي تكتم شهقة صدمتها، فكل كلمة سمعتها أكدت لها أن الأمر أخطر مما كانت تتخيل، لم تكن هذه مجرد خيانة زوجية، بل كان هناك مخطط خبيث يُحاك في الخفاء!
-ليه يا ماما بس روحتيله، يعني هو أنا عويل قدامك، وبعدين أنا لو كنت عايز اروحله من الاول كنت هروحله بس أنا عارف ومتأكد إنه عارف هو أصلا دلدول مراته يا ماما. قالت بحزن: -كنت عايزة اساعدك يا بني، اعمل إيه، كلها أيام والكلبة اللي اسمها سلوى دي هتيجي تطردنا، هنروح فين! لم يعقب على حديث والدته وسألهم مباشرةً باهتمام: -انتوا شوفتوا ليلى كان معاها فلوس قبل كده كتير اوي؟ حركن رؤوسهن بالنفي، فذهب يبحث في غرفته للمرة الألف، ولم يجد شيئًا، حتى حسابها البنكي كان باسمه، ولم يكن به سوى أربعة آلاف جنيه، حتى دخلت حنين متذكرة شيئًا: -بابا أنا افتكرت حاجة! نظر إليها صامتًا، حتى قالت: -كان في مرة بس من زمان شوفت ماما كانت بتدي شنطة فلوس كتيرة لخالتوا وبتقولها أنا مفتحتهاش من لما نزلنا من عندها وزي ما هي اهي وخالتو قالتلي ماشي ومشيت. انعقد حاجباه وهو يسألها: -نزلوا من عند مين؟ -معرفش والله أنا سمعت كده وبس. -طيب الشنطة دي لونها إيه يا حنيم تفتكري وازاي عرفتي ان فيها فلوس؟ أجابت حنين وهي تجلس فوق الفراش: -عشان أنا لما لقيتها في الاوضة هنا على السرير افتكرتها شنطة جديدة ليا للمدرسة وكان لونها أسود وفي نقط بيضة، بس لما فتحتها لقيت فيها فلوس كتير اوي، وماما لما شافتني زعقتلي وقالتلي دول بتوع خالتك واوعي تقولي لحد أنك شوفتي معايا فلوس. قبّل وجنتها بقوة، ثم انطلق سريعًا إلى وصال مرة أخرى في مكتبها، هذه المرة لم يتحدث مع فتاة الاستقبال، رغم محاولاتها إيقافه، إلا أن وصال أشارت إليها بالخروج: -هو سؤال واحد وتجاوبيني عليه، سلوى ادت ليلى الفلوس هنا قدامك؟ أجابت بهدوء: -اه ومضو… قطع حديثها واستكمل سؤاله الثاني بعجلة: -الفلوس دي كانت في شنطة ولا ادتهملها