كان لك معايا – الجزء الثاني

كان لك معايا – الجزء الثاني
كان لك معايا – الجزء الثاني

(يحاول الاقتراب منها، فتبتعد عنه.)

شريفة:

  • سيبك من الكلام ده. مبقاش يجيب معايا خلاص يا حبيبي. المصلحة اللي بينا انتهت لحد هنا.

(يضع صبري الفلاشة في جيبه، ثم ينظر إليها.)

صبري:

  • وماله؟ تمام.

(يتجه نحو باب الشقة.)

صبري:

  • لو احتجتي حاجة، تليفوني معاكي. سلام.

تنظر اليه في لا مبالاة، وتتابعه بنظرها حتى يخرج ويغلق الباب خلفه، تمسك الشيك بيديها وتنظر اليه، وهي تشعر نشوة الانتصار.

 

 

لحظة خاطفة
يخرج صبري من منزل شريفة ويبدو عليه الفرح الشديد وهو ممسك بالفلاشة في يديه. يرن هاتفه، فيقوم بإخراجه. في تلك الأثناء، يكون محسن متجهاً بسيارته إلى منزل شريفة، ويبحث عن مكان لركن سيارته. لكنه يلمح صبري، لم يكن متأكدًا منه، لكن شعور بداخله كان يؤكد أنه هو. قام محسن بركن سيارته وهو يترقب بعينيه سيارة صبري. كان الضوء خافتًا فلم يستطع التأكد من السيارة، لكنه لم يعطِ لذلك اهتمامًا كبيرًا، فقد تحرك صبري بالفعل بسيارته مسرعًا. نزل من سيارته واتجه إلى منزل شريفة، لكن الشك بداخله بدأ.

سطح صديق وحيد
يجلس صديق وحيد على الركنة بالأرض، وهو يشعل سيجارة، وبجانبه مسجل صغير يسمع من خلاله إحدى أغاني المهرجانات ويردد معها. يكون في حالة اندماج تام، حتى يسمع صوت شيء يسقط، فيلتفت جانبه ليستمع إلى مصدر الصوت، لكنه لم يجد شيئًا. يقوم بخفض صوت المسجل ويحاول التركيز، إلى أن يرى شخصًا قادمًا نحوه وهو ملثم. ينتفض من مكانه ويضع يده في جيبه الخلفي ليخرج سلاحًا، لكن يباغته الشخص، ليتحدث معه ويتفاجأ أنه وحيد.

صديق وحيد:
“إيه يالا في إيه؟ مالك اتنفضت كدة ليه؟ شوفت عفريت؟”
وحيد:
“يا عم الله يخرب بيتك قطعتلي الخلف، بتقتل أمك يا وحيد، أمك! يا عم احنا نتشاقى، نتشقلب، سيجارتين، لكن أمك

يا وحيد.”
وحيد:
“أقسم بالله يا صحبي مكان قصدي، ربنا العالم، أنا من ساعتها عامل إزاي؟”
صديق وحيد:
“عامل إزاي يا خويا؟ منته زي القرد، إيه اللي جابك هنا؟ إحنا خلاص مينفعش نبقى أصحاب تاني. الحكومة قلبت عليك الدنيا، والحارة مرشقة مخبرين. مش عارف إزاي وصلت لحد هنا أصلاً.”

وحيد:
“بص أنا همشي، بس حسيت إني محتاج أتكلم، وأنت أقرب صاحب لي.”

صديق وحيد (بنرفزة):
“كنت، كنت يا وحيد، لكن لحد القتل، لا. أنسى، مش عايز أعرفك تاني.”
وحيد
“بشوقك يا صحبي.”

صديق وحيد يتنهد بينما وحيد يلتفت ويسير باتجاه السطح المقابل، من حيث أتى. صديق وحيد يتبعه بنظره، ثم يناديه:
“وحيد!”
يعود وحيد إليه وهو محني الرأس، ويشعر باليأس الشديد.
صديق وحيد:
“أنت عارف إننا طول عمرنا مع بعض على الحلوة والمرة. وعارف ومتاكد إني وأنا وأنت عكينا الدنيا كتير، لكن كنا بنتشاقى. اللي عملته مش قليل يا صحبي. ولولا إني عارف إنك أطيب من جواك، ما كنت هسمعلك.”

وحيد يرتمي في أحضان صديقه وهو يبكي بشدة وينهار، قائلاً:
“أقسم بالله مكان قصدي، أنا مكنتش في وعيي. الزفت اللي كنت واخده مأثر عليا، ومخليني مش عارف أعمل إيه. أمي دي تراب جزمتها يساوي عندي الدنيا وما فيها. لو رجعت، والله لأعيش خدام تحت رجليها.”

صديق وحيد يقوم بضمه بشدة، ويواسيه بلطف، محاولًا التخفيف عنه:
“طيب استهدى بالله، وخلينا نشوف هنعمل إيه.”

يجلس وحيد وصديقه، ثم يقوم صديق وحيد بإخراج سيجارة ويعطيها إلى وحيد. يظل ينظر إليه وهو يبكي.

منزل شريفة
شريفة تجلس على أريكتها، وهي ممسكة بالشيك وتنظر إليه بسعادة، وكأنها تحلم بما ستفعله بتلك النقود. حتى يقطع تفكيرها صوت جرس الباب. ترتبك قليلاً وتبحث عن مكان لتخبئ الشيك. رفعت جلسة الأريكة الإسفنجية ووضعت الشيك أسفلها، ثم اتجهت نحو الباب وهي تهندم نفسها. قامت بفتح الباب، ويدخل محسن في هدوء شديد وهو يشعل سيجارة.

محسن:
“مش ناوية تديني مفتاح للشقة، بدل كل مرة استنى كل ده؟”

شريفة (بدلع):
“لا بعينك.”

محسن (ينظر إليها بإعجاب شديد):
“وماله، من حقك برده. والله اللي يشوفك في الشغل وأنتي ناشفة كده، ميقولش إنك في البيت. حتة البسبوسة اللي وقفة قدامي دي.”

شريفة (تجلس على الأريكة):
“إنت بتعاكس بقي؟”

محسن (بثقة):
“أه بعاكس.”
يحاول الاقتراب منها لكنها تتهرب منه.

شريفة:
“لسة بدري مالك متسربع ليه؟ مش عوايدك يعني.”

محسن (يباغتها بالسؤال):
“هو مين كان عندك هنا؟”

شريفة (ترتبك بشدة):
“هيكون عندي مين يعني؟ مكنش عندي حد، وإيه السؤال ده؟ منتا جيت لقيتني قعدة مستنياك أهى.”

محسن (يرد بهدوء وتهكم وكأنه متأكد من وجود شخص آخر):
“لا أبداً، أصلي لمحت حد كان خارج من العمارة، وأنا عارف إن أغلب العمارة فاضية، فقلت يمكن كان عندك ضيوف ولا حاجة.”

شريفة (تهدأ قليلاً):
“لا أبداً، وبعدين هيكون عندي ضيوف إزاي؟ وأنا عارفة إنك جاي.”

تحاول تغيير الموضوع، فتخرج الفلاشة من جيب بيجامتها، وتقوم بإعطائها له.

شريفة:
“فلاشتك أهى، مع إنّي مش عارفة هي شغلاك قوي كده ليه. إنت كده كده معاك أكسس على كل حاجة.”

محسن:
“آه معايا أكسس على حاجة. بس المعلومات دي لو خرجت مش يوسف بس اللي هيتأذى. أنتي ناسية إني شريك، يعني أنا كمان بيتي هيتخرب. مع إنّي لحد دلوقتي مستغرب إنتي ليه ما قولتليش إنك هتعملي كده.”

شريفة (بدلع، وهي تقترب منه):
“منا قولتلك بحافظ عليك. أمان يعني. أفرض يوسف عمل أي حاجة، ما تبقاش عارف راسك من رجليك.”

محسن (يبدأ بالضعف أمامها ويتعرق):
“آه ممكن برده. ما تيجي نشوف الموضوع ده جوة أحسن، لحسن الجو هنا حر قوي.”

 

مشاعر

يجلس يوسف على سريره، ممسكا بصورة زوجته وابنته. الإضاءة خافتة، وصوت المسجل هادئ، والسيدة أم كلثوم تشدو بجزء من أغنيتها “فات الميعاد”. يتطلع إليهم، ويظهر في عينيه شوق كبير. تدمع عيناه وهو ينظر إليهم في صمت شديد. يتخيل أنه يسمع صوت طفلته وهي تنادي عليه:
“بابا، أصحي، يالا يا بابا.”
ويستيقظ ليشاهدها أمامه، فيحتضنها بحب وحنان. ينظر إليها فرحًا، ثم تتحدث إليه:
“هو انت بتبصلي كده ليه يا بابا؟”
فيقوم بالرد عليها:
“علشان إنتي أجمل وأحلى حاجة أنا بحبها في حياتي.”
ثم يسمع صوت زوجته قادمة إليه، فينظر إليها نظرة مطولة وهي تحدثه:
“هتفضل تبصلي كده كتير؟ يالا بطل دلع واصحي، الظهر قرب.”
وهو يظل ينظر إليها، فيظهر عليها الخجل الشديد. فيضحك وهو يحدثها:
“عرفتي ليه بحب أفضل أبصلك؟ علشان أشوف الخدود دي وهى مكسوفة.”
وابنتهما تنظر إليهم، ثم تقفز فوق والدها في غفلة منه. يستفيق ثم يضع الصورة بجانبها، ولكن ذلك الهدوء الذي يخيم على المكان يقتله بشدة. يشعر أن مشاعره تستنزف، أنه بلا طاقة لاستيعاب أي شيء آخر.

ولكن فجأة يتذكر “مي”، ويتذكر وهو يجلس معهم على المائدة، واشتياقه التام لتلك الجلسة في حضن العائلة. ويتذكر نفسه وهو يسترق النظر إليها. نعم، هو يشعر باتجاهها بشعور يعرفه جيدًا. يشعر معها وكأنه يجلس مع زوجته. يقول في ذاته إن هذا الشعور نابع من اشتياقه لزوجته، ولكن كيف؟ كيف استطاع أن يسمح لنفسه بأن يتملكه هذا الشعور؟ هل هي رغبة في وجودها لمجرد التشابه؟ أم أنها تمتلك نفس روحها؟ فهي تبدو طاهرة الروح مثل زوجته، حنونة، عطوفة. استطاعت أن تدخل إلى عقله في هدوء تام، بدون مجهود يذكر. يقول لنفسه إنه يستحق فرصة أخرى للحياة، ولكنه يتساءل: هل سيظلمها بمجرد مقارنتها بزوجته؟

(يحاول الاقتراب منها، فتبتعد عنه.) شريفة: سيبك من الكلام ده. مبقاش يجيب معايا خلاص يا حبيبي. المصلحة اللي بينا انتهت لحد هنا. (يضع صبري الفلاشة في جيبه، ثم ينظر إليها.) صبري: وماله؟ تمام. (يتجه نحو باب الشقة.) صبري: لو احتجتي حاجة، تليفوني معاكي. سلام. تنظر اليه في لا مبالاة، وتتابعه بنظرها حتى يخرج ويغلق الباب خلفه، تمسك الشيك بيديها وتنظر اليه، وهي تشعر نشوة الانتصار.     لحظة خاطفة يخرج صبري من منزل شريفة ويبدو عليه الفرح الشديد وهو ممسك بالفلاشة في يديه. يرن هاتفه، فيقوم بإخراجه. في تلك الأثناء، يكون محسن متجهاً بسيارته إلى منزل شريفة، ويبحث عن مكان لركن سيارته. لكنه يلمح صبري، لم يكن متأكدًا منه، لكن شعور بداخله كان يؤكد أنه هو. قام محسن بركن سيارته وهو يترقب بعينيه سيارة صبري. كان الضوء خافتًا فلم يستطع التأكد من السيارة، لكنه لم يعطِ لذلك اهتمامًا كبيرًا، فقد تحرك صبري بالفعل بسيارته مسرعًا. نزل من سيارته واتجه إلى منزل شريفة، لكن الشك بداخله بدأ. سطح صديق وحيد يجلس صديق وحيد على الركنة بالأرض، وهو يشعل سيجارة، وبجانبه مسجل صغير يسمع من خلاله إحدى أغاني المهرجانات ويردد معها. يكون في حالة اندماج تام، حتى يسمع صوت شيء يسقط، فيلتفت جانبه ليستمع إلى مصدر الصوت، لكنه لم يجد شيئًا. يقوم بخفض صوت المسجل ويحاول التركيز، إلى أن يرى شخصًا قادمًا نحوه وهو ملثم. ينتفض من مكانه ويضع يده في جيبه الخلفي ليخرج سلاحًا، لكن يباغته الشخص، ليتحدث معه ويتفاجأ أنه وحيد. صديق وحيد: “إيه يالا في إيه؟ مالك اتنفضت كدة ليه؟ شوفت عفريت؟” وحيد: “يا عم الله يخرب بيتك قطعتلي الخلف، بتقتل أمك يا وحيد، أمك! يا عم احنا نتشاقى، نتشقلب، سيجارتين، لكن أمك يا وحيد.” وحيد: “أقسم بالله يا صحبي
مكان قصدي، ربنا العالم، أنا من ساعتها عامل إزاي؟” صديق وحيد: “عامل إزاي يا خويا؟ منته زي القرد، إيه اللي جابك هنا؟ إحنا خلاص مينفعش نبقى أصحاب تاني. الحكومة قلبت عليك الدنيا، والحارة مرشقة مخبرين. مش عارف إزاي وصلت لحد هنا أصلاً.” وحيد: “بص أنا همشي، بس حسيت إني محتاج أتكلم، وأنت أقرب صاحب لي.” صديق وحيد (بنرفزة): “كنت، كنت يا وحيد، لكن لحد القتل، لا. أنسى، مش عايز أعرفك تاني.” وحيد “بشوقك يا صحبي.” صديق وحيد يتنهد بينما وحيد يلتفت ويسير باتجاه السطح المقابل، من حيث أتى. صديق وحيد يتبعه بنظره، ثم يناديه: “وحيد!” يعود وحيد إليه وهو محني الرأس، ويشعر باليأس الشديد. صديق وحيد: “أنت عارف إننا طول عمرنا مع بعض على الحلوة والمرة. وعارف ومتاكد إني وأنا وأنت عكينا الدنيا كتير، لكن كنا بنتشاقى. اللي عملته مش قليل يا صحبي. ولولا إني عارف إنك أطيب من جواك، ما كنت هسمعلك.” وحيد يرتمي في أحضان صديقه وهو يبكي بشدة وينهار، قائلاً: “أقسم بالله مكان قصدي، أنا مكنتش في وعيي. الزفت اللي كنت واخده مأثر عليا، ومخليني مش عارف أعمل إيه. أمي دي تراب جزمتها يساوي عندي الدنيا وما فيها. لو رجعت، والله لأعيش خدام تحت رجليها.” صديق وحيد يقوم بضمه بشدة، ويواسيه بلطف، محاولًا التخفيف عنه: “طيب استهدى بالله، وخلينا نشوف هنعمل إيه.” يجلس وحيد وصديقه، ثم يقوم صديق وحيد بإخراج سيجارة ويعطيها إلى وحيد. يظل ينظر إليه وهو يبكي. منزل شريفة شريفة تجلس على أريكتها، وهي ممسكة بالشيك وتنظر إليه بسعادة، وكأنها تحلم بما ستفعله بتلك النقود. حتى يقطع تفكيرها صوت جرس الباب. ترتبك قليلاً وتبحث عن مكان لتخبئ الشيك. رفعت جلسة الأريكة الإسفنجية ووضعت الشيك أسفلها، ثم اتجهت نحو الباب وهي تهندم نفسها. قامت بفتح الباب،
ويدخل محسن في هدوء شديد وهو يشعل سيجارة. محسن: “مش ناوية تديني مفتاح للشقة، بدل كل مرة استنى كل ده؟” شريفة (بدلع): “لا بعينك.” محسن (ينظر إليها بإعجاب شديد): “وماله، من حقك برده. والله اللي يشوفك في الشغل وأنتي ناشفة كده، ميقولش إنك في البيت. حتة البسبوسة اللي وقفة قدامي دي.” شريفة (تجلس على الأريكة): “إنت بتعاكس بقي؟” محسن (بثقة): “أه بعاكس.” يحاول الاقتراب منها لكنها تتهرب منه. شريفة: “لسة بدري مالك متسربع ليه؟ مش عوايدك يعني.” محسن (يباغتها بالسؤال): “هو مين كان عندك هنا؟” شريفة (ترتبك بشدة): “هيكون عندي مين يعني؟ مكنش عندي حد، وإيه السؤال ده؟ منتا جيت لقيتني قعدة مستنياك أهى.” محسن (يرد بهدوء وتهكم وكأنه متأكد من وجود شخص آخر): “لا أبداً، أصلي لمحت حد كان خارج من العمارة، وأنا عارف إن أغلب العمارة فاضية، فقلت يمكن كان عندك ضيوف ولا حاجة.” شريفة (تهدأ قليلاً): “لا أبداً، وبعدين هيكون عندي ضيوف إزاي؟ وأنا عارفة إنك جاي.” تحاول تغيير الموضوع، فتخرج الفلاشة من جيب بيجامتها، وتقوم بإعطائها له. شريفة: “فلاشتك أهى، مع إنّي مش عارفة هي شغلاك قوي كده ليه. إنت كده كده معاك أكسس على كل حاجة.” محسن: “آه معايا أكسس على حاجة. بس المعلومات دي لو خرجت مش يوسف بس اللي هيتأذى. أنتي ناسية إني شريك، يعني أنا كمان بيتي هيتخرب. مع إنّي لحد دلوقتي مستغرب إنتي ليه ما قولتليش إنك هتعملي كده.” شريفة (بدلع، وهي تقترب منه): “منا قولتلك بحافظ عليك. أمان يعني. أفرض يوسف عمل أي حاجة، ما تبقاش عارف راسك من رجليك.” محسن (يبدأ بالضعف أمامها ويتعرق): “آه ممكن برده. ما تيجي نشوف الموضوع ده جوة أحسن، لحسن الجو هنا حر قوي.”   مشاعر يجلس يوسف على سريره، ممسكا بصورة زوجته وابنته. الإضاءة خافتة، وصوت المسجل هادئ، والسيدة أم كلثوم تشدو بجزء من أغنيتها “فات الميعاد”. يتطلع إليهم، ويظهر في عينيه شوق كبير. تدمع عيناه وهو ينظر إليهم في صمت شديد. يتخيل أنه يسمع صوت طفلته وهي تنادي عليه: “بابا، أصحي، يالا يا بابا.” ويستيقظ ليشاهدها أمامه، فيحتضنها بحب وحنان. ينظر إليها فرحًا، ثم تتحدث إليه: “هو انت بتبصلي كده ليه يا بابا؟” فيقوم بالرد عليها: “علشان إنتي أجمل وأحلى حاجة أنا بحبها في حياتي.” ثم يسمع صوت زوجته قادمة إليه، فينظر إليها نظرة مطولة وهي تحدثه: “هتفضل تبصلي كده كتير؟ يالا بطل دلع واصحي، الظهر قرب.” وهو يظل ينظر إليها، فيظهر عليها الخجل الشديد. فيضحك وهو يحدثها: “عرفتي ليه بحب أفضل أبصلك؟ علشان أشوف الخدود دي وهى مكسوفة.” وابنتهما تنظر إليهم، ثم تقفز فوق والدها في غفلة منه. يستفيق ثم يضع الصورة بجانبها، ولكن ذلك الهدوء الذي يخيم على المكان يقتله بشدة. يشعر أن مشاعره تستنزف، أنه بلا طاقة لاستيعاب أي شيء آخر. ولكن فجأة يتذكر “مي”، ويتذكر وهو يجلس معهم على المائدة، واشتياقه التام لتلك الجلسة في حضن العائلة. ويتذكر نفسه وهو يسترق النظر إليها. نعم، هو يشعر باتجاهها بشعور يعرفه جيدًا. يشعر معها وكأنه يجلس مع زوجته. يقول في ذاته إن هذا الشعور نابع من اشتياقه لزوجته، ولكن كيف؟ كيف استطاع أن يسمح لنفسه بأن يتملكه هذا الشعور؟ هل هي رغبة في وجودها لمجرد التشابه؟ أم أنها تمتلك نفس روحها؟ فهي تبدو طاهرة الروح مثل زوجته، حنونة، عطوفة. استطاعت أن تدخل إلى عقله في هدوء تام، بدون مجهود يذكر. يقول لنفسه إنه يستحق فرصة أخرى للحياة، ولكنه يتساءل: هل سيظلمها بمجرد مقارنتها بزوجته؟
تم نسخ الرابط