فخ نرجس
ظلت العلاقة بين هشام ونرجس وشقيقات سلمى تسير على وتيرة هادئة، وكان هشام يحاول التقرب من سامح رغم اعتراض سلمى، ولم يكن زوجها يفهم سبب اعتراضها ولم تشأ أن تفصح له عن السبب حفظًا لماء وجهها وأسرتها حتى بات الصدام بينهما حتميًا.
ففي أحد الأيام قام هشام بمهاتفة نرجس من العمل يزف إليها نبأً سارًا عن رغبة أحد زملائه في خطبة سمية، وظل يعدد لها مميزات الرجل وكم أنه سيسعد سمية إن تمت الموافقة على الزيجة، وأخذ يصف لها كيف أُعجب بها منذ أن رآها في حفل الزفاف وأنه يريد أن يتم الزواج في أسرع وقت، ولم يكن لدى نرجس مانع في إتمام الأمر لكن كانت لسامح وجهة نظر أخرى، فقد تخطى هشام كل الحدود وأصبح يشعر أنه أتى ليزيحه من تلك المكانة التي كان يتربع على عرشها، وبدأ في التمرد والرفض لكل ما له علاقة بهشام، وكان تصرف هشام الأخير بمثابة مسمارًا أخيرًا قام بدقه في نعش احتمال سامح الذي توجه مباشرة لوالدته وقام بمواجهتها وقال لها بنبرة جادة:
– أنا مش موافق على جوازة سمية ولو حصل ووافقتي مش هاحضر لا خطوبة ولا فرح واعتبري إن مالكوش رجالة.. أو خلي هشام بيه يتصدر لكم بقى.
اكفهر وجه نرجس التي بدأت تدرك مؤخرًا عن الفخ الذي نصبته لنفسها ووقعت فيه، نظرت له بعينان محتدتان لتطلق في وجهه تلك الحقيقة التي كانت تخشى أن تواجه بها حتى نفسها:
– أنت غيران من هشام علشان أحسن منك، ورغم غيرتك دي عاوزه ياخد مكانك برضه، خايب طول عمرك.
– أنا مش هاسمح لهشام يبقى كبير العيلة، أنتِ لو عاوزة كده يبقى تختاري بيننا.
– مفيش اختيار يا سامح..
أختك هتتجوز وأنت اللي هتقف معاها ومعايا علشان أنت راجلنا.– أقف معاكم في أي حاجة متبقاش جاية من ورا اللي اسمه هشام ده، أنتِ شايفاه أحسن مني يبقى خليهولك بقى.
غادر سامح من أمام والدته واتجه لمنزل سلمى باحثًا عن هشام، وما إن رآه حتى أمسك بتلابيبه وبدأ بالشجار معه أمام سلمى التي لم تضع هذه اللحظة في حسبانها أبدًا:
– أنا مش عاوز أشوف خلقتك في بيتنا تاني، أختي لو جت أهلًا بيها من غيرك لكن أنت غير مرحب بيك في بيتنا لا معاها ولا من غيرها.
حاول هشام تخليص نفسه من بين يدي سامح مستفسرًا عن سبب ثورته، ظنًا منه أن سلمى قد شكت منه في أمر ما، ناظرًا لها بنظرة لوم لم تتحملها سلمى فتدخلت لتخليص زوجها من سامح دافعة إياه بعيدًا عن هشام:
– أنت ازاي تدخل بيتي تعمل كده وبأي حق؟
لمعت عينا سامح مصدومًا من نبرة شقيقته التي لم يسمعها منها من قبل:
– جوزك راجل حشري، مرة يجيب عريس لواحدة منكم ومرة يزن على دماغ أمك علشان التانية تشتغل، وكمان اللي ناقص أهه قواكِ علينا وشوفي بتكلميني ازاي.. بس ورحمة أبوكِ يا سلمى لأكون موريكِ يوم من أيام زمان.
نهض سامح متجهًا ناحية سلمى محاول صفعها على وجهها والانقضاض عليها لضربها، لكن تدخل هشام مانعًا إياه:
– أنت اتهبلت؟! عاوز تمد إيدك على مراتي؟! اطلع بره البيت ده، ومتجيش هنا تاني، وكمان اعتبر ملكش أخت اسمها سلمى طول ما هو ده أسلوبك معاها.
خرج سامح حاملًا غضبه متجهًا لنرجس مُلقيًا إياه على رأسها، أخبرها بما حدث في منزل سلمى ولم يَنْسَ إضافة بعض التفاصيل غير الحقيقية والتي لم تحدث حتى تكره هشام وتجعله بعيدًا عن حياتهم، لتعود له السطوة كسابق عهده، أمسكت نرجس بهاتفها وأجرت اتصالًا بسلمى:
– خلاص يا سلمى، بتبيعي أخوكِ وتطرديه من بيتك علشان الغريب؟!
– يا ماما والله مش كده، بس سامح دخل البيت يضرب هشام وكان عاوز يضربني و…
– وهو إيه اللي دخل جوزك بينك وبين أخوكِ؟!
– باقول لك كان عاوز يضربني يا ماما.
– يضربك ولا يقطعك حتت حتى، من هنا ورايح تفهمي جوزك ميتدخلش بين الإخوات، وأنا مش موافقة كمان على العريس اللي جاي لسمية من طرفه، أخوكِ كان عنده حق.
أغلقت الخط في وجه سلمى التي انهارت من البكاء أمام زوجها، لم يكن هشام راضيًا عن تصرف شقيق زوجته، يشعر بغضب عارم بسبب إهدار كرامته أمام زوجته، لكنه أشفق على حال سلمى، اقترب منها واحتضنها بشدة وظل يربت على ظهرها بحنان دون أن ينطق بكلمة، هذا التصرف الذي لم تعهده سلمى في حياتها أبدًا كان كفيلًا بأن يزيد من بكائها مما أثار دهشة هشام فرفع وجهها، ونظر لها وعلى وجهه نصف ابتسامة يسألها:
– مالك يا سلمى؟! أنا زعلتك في حاجة؟!
حاولت أن تتماسك قليلًا وقالت من بين دموعها:
– مفيش حاجة بس أنا عمري ما عيطت وحد حضني وطبطب عليَّ أبدًا، طول عمري كنت باتهان وأنام معيطة وأصحى تاني يوم أنزل من البيت علشان أروح المدرسة أو الجامعة وأرجع أتهان تاني كأني باعيد مسلسل سخيف كنت أنا بطلته.
نظر لها وصمت قليلًا ثم لمعت عيناه كأنه تذكر شيئًا:
– علشان كده كنتِ بتيجي معيطة الجامعة وكنت لما أسألك مالك تتهربي من السؤال.
– مكنتش باهرب من إجابتك، لكن كنت باهرب من مواجهة مشاعري، كنت خايفة أقول وأواجه نفسي إني باكره أخويا، وممكن كمان أكون باكره أمي وباكره نفسي علشان عايشة معاهم ومتحملاهم كل ده، أنت مش متخيل ماما عملت إيه وظلمتنا ازاي.. حتى سامح اتظلم منها.
استطردت وهي تشعر بتمزق قلبها:
– عارف! طول الوقت كنا بنتنافس مع الناس.. كل الناس، بنت خالتي شكلها أحلى، ابن عمتي جاب مجموع أعلى من مجموع سامح، بنت صاحبة ماما كانت شاطرة وبتساعد في شغل البيت، مفيش ولا أي حاجة حلوة حد فينا عملها واتشافت، مفيش مرة اتقال لي شكرًا يا سلمى علشان قدرتي تستحملي الإهانة، ولا شاطرة يا سلمى علشان متجننتيش من القرف اللي بتشوفيه، ولا حتى علشان كنت داخلة مسابقة مع حد بيعمل أي حاجة ومطلوب مني أكون أحسن منه، أنا عمري ما شوفت نفسي أحسن من حد ولا مميزة عن حد، ومهما عملت باشوف الحاجة اللي معايا كتير عليَّ… يمكن مينفعش أقول كده بس دي الحقيقة.
دخلت في نوبة بكاء جديدة وطويلة، تركها هشام تبكي بين زراعيه حتى ظن أن رصيدها من الدموع قد نفد، كانت أنفاسها تتهدج وهو يحاول تهدئتها بعدما أصابه القلق عليها، رفع وجهها أمامه بحنان بالغ وقال لها بعد أن تنهد وهو ينظر في عينيها:
– شكرًا يا سلمى علشان دخلتِ حياتي، وشاطرة يا سلمى إنك قدرتي تتحملي كل حاجة حصلت وتكوني قوية، ومفيش حاجة في الدنيا كتير عليكِ يا حبيبتي بالعكس، أنا لو جبت لك الدنيا كلها مش كفاية.
صمت قليلًا وهو يحاول أن ينتقي كلماته:
– اللي حصل ده وشعورك اللي عبرتي عنه بيدل على مشكلة عند مامتك مش عندك خالص يعني مالكيش ذنب في حاجة لأنك ضحية.
ظلت العلاقة بين هشام ونرجس وشقيقات سلمى تسير على وتيرة هادئة، وكان هشام يحاول التقرب من سامح رغم اعتراض سلمى، ولم يكن زوجها يفهم سبب اعتراضها ولم تشأ أن تفصح له عن السبب حفظًا لماء وجهها وأسرتها حتى بات الصدام بينهما حتميًا. ففي أحد الأيام قام هشام بمهاتفة نرجس من العمل يزف إليها نبأً سارًا عن رغبة أحد زملائه في خطبة سمية، وظل يعدد لها مميزات الرجل وكم أنه سيسعد سمية إن تمت الموافقة على الزيجة، وأخذ يصف لها كيف أُعجب بها منذ أن رآها في حفل الزفاف وأنه يريد أن يتم الزواج في أسرع وقت، ولم يكن لدى نرجس مانع في إتمام الأمر لكن كانت لسامح وجهة نظر أخرى، فقد تخطى هشام كل الحدود وأصبح يشعر أنه أتى ليزيحه من تلك المكانة التي كان يتربع على عرشها، وبدأ في التمرد والرفض لكل ما له علاقة بهشام، وكان تصرف هشام الأخير بمثابة مسمارًا أخيرًا قام بدقه في نعش احتمال سامح الذي توجه مباشرة لوالدته وقام بمواجهتها وقال لها بنبرة جادة: – أنا مش موافق على جوازة سمية ولو حصل ووافقتي مش هاحضر لا خطوبة ولا فرح واعتبري إن مالكوش رجالة.. أو خلي هشام بيه يتصدر لكم بقى. اكفهر وجه نرجس التي بدأت تدرك مؤخرًا عن الفخ الذي نصبته لنفسها ووقعت فيه، نظرت له بعينان محتدتان لتطلق في وجهه تلك الحقيقة التي كانت تخشى أن تواجه بها حتى نفسها: – أنت غيران من هشام علشان أحسن منك، ورغم غيرتك دي عاوزه ياخد مكانك برضه، خايب طول عمرك. – أنا مش هاسمح لهشام يبقى كبير العيلة، أنتِ لو عاوزة كده يبقى تختاري بيننا. – مفيش اختيار يا سامح..